ومناقشاته مسألة حرية الفكر التي أصبحت مهددة في كثير من الدول والتي سحقت بالفعل في بعض الدول التي تسودها النظم الطاغية. وألقى الكاتب الفرنسي الكبير جول رومان رئيس نادي القلم الدولي بهذه المناسبة خطاباً رناناً نوه فيه بقدسية الحرية الفكرية؛ ومما قاله:(إن للفكر قوانينه وأخلاقه وعاداته التي لا تستطيع أية حدود بل ولا يستطيع التاريخ أن يوقفها أو يميلها؛ فالفكر وحده هو الذي يضطلع بوضعها ومراعاتها؛ وإذا تنزل الفكر إلى الدعوة إلى فضائل لا توجد، أو لا تستطيع الوجود إلا بممالأته فهو يرتكب بذلك حماقة لا تغتفر؛ وإذا كانت جمعية القلم لا دخل لها في السياسة فأنا مع ذلك لا نستطيع أن نسترشد إلا بقيمة الفكر وحياته وحقوقه في جميع أنحاء العالم؛ ولن نستطيع أن نقبل أي حجة لتعطيل حرية الفكر وحقوقه، ذلك أنا نعلم أن قبول غل واحد يصفدنا فيما بعد بأغلال لا نهاية لها). هذا وسوف نتحدث في فرصة أخرى عن قرارات هذا المؤتمر الأدبي الخطير.
الأزهر في مؤتمر القوانين
عاد منذ أيام اثنان من أعضاء وفد الأزهر في مؤتمر القانون الدولي بعد الاشتراك في دورة المؤتمر.
وقد بدأت هذه الدورة في اليوم الرابع من هذا الشهر، وكان اليوم الأول خاصاً بحفلة الافتتاح التي أقيمت تحت رعاية وزير العدل في الحكومة الهولاندية واشترك فيها بعض أعضاء محكمة العدل الدولية في لاهاي؛ ثم دامت جلسات المؤتمر بعد ذلك من اليوم الثاني إلى أن كانت جلسة الختام في اليوم الحادي عشر من الشهر.
وكانت مصر ممثلة في المؤتمر من جهتين: الأزهر، وممثلوه هم الأستاذ الشيخ عبد الرحمن حسن والشيخ محمود شلتوت ومحمد عبد المنعم رياض بك والأستاذ حسن البغدادي؛ والجامعة المصرية وكان يمثلها الدكتور عبد الرزاق السنهوري بك.
وقد كان الربح الأدبي والعلمي الذي وصل إليه الوفدان ربحاً عظيماً إذ ألقى الدكتور السنهوري بك بحثه عن الجنسية في اليوم الثالث للمؤتمر. وأعقبه بعد ذلك في الأيام التالية الأستاذان الشيخ عبد الرحمن حسن والشيخ شلتوت فألقيا بحثهما باللغة العربية للمرة الأولى في دورات المؤتمر كلها. وكان البحث الأول خاصاً بالشريعة الإسلامية وعلاقتها بالقانون الروماني، والبحث الثاني خاصاً بالمسؤولية المدنية والجنائية في الشريعة الإسلامية.