رائعة إلى أن تقول الإرادة: إنني أردت هذا. ثم تقول: وهذا ما أريده الآن وسأريده غداً.
هل نطقت الإرادة بمثل هذا حتى اليوم؟ وإلى متى ستنطق به؟ هل هي تملصت من قيود جنونها فأصبحت تفتدي الحادثات بعزمها وتبشر بالحبور؟ هل هي اطرحت فكرة الانتقام وتوقفت عن حرق الأرم من كيدها؟ من ترى تمكن من تعليمها مسالمة الزمان بل ما يفوق هذه المسالمة؟
يجب على الإرادة ولا أعني سوى إرادة الاقتدار أن توجه مشيئتها إلى ما هو أعظم من المسالمة. ولكن أنى لها ذلك ومن سيعلمها أن توجه هذه المشيئة إلى ما فات؟
وتوقف زارا عن الكلام فجأة كأن رعباً شديداً حل به فاتسعت حدقاته وشخص بأتباعه سايراً أفكارهم وما وراء أفكارهم غير أنه ما لبث أن عاد إلى الضحك فقال بكل هدوء:
- ما تهون الحياة بين الناس لأن الصمت صعب على المرء وخاصة إذا كان ثرثاراً.
هكذا تكلم زارا. . . .
ولكن الأحدب الذي كان يصغي إلى هذا الحديث وهو يستر وجهه بيديه سمع قهقهة زارا ففتح عينيه مستغرباً وقال: - لماذا يخاطبنا زارا بغير ما يخاطب به أتباعه.
فقال زارا: - وهل من عجب في هذا؟ أفما يصح أن يخاطب الأحدب بأقوال لها حدبتان.
فقال الأحدب: - ولا عجب أيضاً في أن يخاطب زارا تلاميذه كمعلم أولاد، ولكن لماذا يخاطب أتباعه بغير ما يخاطب به نفسه. . .