صفقة من الأعمال إضبارة وعليها بطاقة في مضمونها) قال: (وينبغي لهذا الخازن أن يحتفظ بجميع ما في هذا الديوان من الكتب الواردة. وينسخ الكتب الصادرة والتذاكير وخرائط المهمات، وضرائب الرسوم وغير ذلك مما فيه - احتفاظاً شديداً، ويكون بالغاً في الأمانة والثقة إلى الحد الذي لا مزيد عليه، فإن زمام كل شيء بيده؛ ومتى كان قليل الأمانة أمالته الرشوة إلى إخراج شيء من المكاتبات من الديوان، وتسليمه إلى من يكون عليه فيه ضرر أو لمن يأخذه نفع. وهذا أمر متى أعتمده الخازن أضر بالدولة ضرراً كثيراً من حيث لا يعلم الملك ولا أحد. ومن أحسن ما سمعته في أمانة خازن ما رواه علي بن الحسن الكاتب المعروف بابن الماشطة في كتابه المعروف بجواب المعنت في الخراج من أنه كانت تجمع الأعمال والحسابات بالعراق بعد كل ثلاث سنين إلى خزانة تعرف بالخزانة العظمى، وكان يتولى في وقته ذلك رجل يعرف بمحمد بن سليمان الكانجار. وكان شديد الأمانة بالغاً فيها إلى المبلغ الأقصى، وكان رزقه كل شهر خمسمائة درهم تكون بخمسين ديناراً من صرفهم ذلك؛ وكان لهذا الخازن خازن يعينه يقال له إبراهيم، فحدث إبراهيم أن رجلاً لقيه في بعض طرقه من أسباب أبي الوليد أحمد بن أبي دؤاد فقال له: هل لك في الغنى بقية عمرك وأعمار عقبك من بعدك من حيث لا يضرك؟ فقال: هذا لا يكون. فقال: بلى، في خزائنك دفتر في قراطيس أعرف موضعه من بعض الخزائن من رفوفها، وأسألك أن تنقله من ذلك الرف إلى رف غيره ولا تخرجه ولا تغيره وأحمل إليك مائة ألف درهم وأعطيك كتاب ضيعة تغل لك كل سنة ألف دينار وتخرج عن الديوان. قال: فارتعد من هول ما سمعه وقال: ليس يمكنني في هذا شيء إلا بأمر صاحبي، فقال له: فاعرض ذلك على صاحبك وأجعل هذا الشيء له ونجعل لك شيئاً آخر. فعرف محمد بن سليمان الخازن صاحبه بالخبر، وكان في منزله آخر نهار، فقال له: ماذا قلت للرجل؟ قال: قلت له إني أستأمرك، فأمر ابناً له وابن أخ بالتوكيل به، فلم يفارقاه طول ليلته، فلما أصبح صار معه إلى الديوان فوقفه على الدفتر، فأخذه محمد بن سليمان الخازن وحمله في قبائه ولم يزل يترقب علي بن حسين صاحب الديوان حتى حضر، فلما حضر صار إليه، وكان أبو الوليد في حبسه فقص عليه القصة، ودفع إليه الدفتر فنظر فيه فوجده نسخة كتاب من بعض النظار بما وقف عليه من فضل ما بين القوانين التي كانت تلزم ضياع أحمد بن أبي دؤاد