للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وطمحت يوماً إلى الرقص متعالياً بفني إلى ما وراء السبع الطباق فأفسدتم على أعز المنشدين لدي، فرفع عقيرته بأفظع الأناشيد وقرع أسماعي بنغمات الأبواق الحزينة الباكية

لقد كنت قائلا أيها المنشد البريء، إذ غدوت آلة في يد الغدر فقضت نغماتك على خشوعي بينما كنت أتهيأ للقيام بأروع رقصي

وما أنا بالمعبر عن أسمى المعاني بالرموز إلا عندما أدور راقصا، لذلك عجزت أعضائي عن رسم أروع الرموز بحركاتها. فأرتج عليَّ وامتنع عليَّ أن أبوح بسر آمالي. لقد ماتت أحلام شبابي وفقدت معانيها المعزيات

إنني لأعجب لتحملي هذه الصدمات وأعجب لصبري على ما فتحت فيَّ من جراح، فكيف أمكن لروحي أن تبعث من مثل هذه القبور؟

أجل إن فيَّ شيئاً لا تنال منه السهام مقتلا، ولا قبل لأحد بدفنه لأنه يزحزح الصخور عنه فتتحطم، وما هذا الشيء إلا إرادتي؛ والأرادة تجتاز مراحل السنين صامتة لا يعتريها تحول وتغير. إن إرادتي قديمة لا تني تدفع قدمي إلى السير فهي القوة المتصلبة المتعالية عن الفناء

ليس فيَّ من عضو لا يصاب إلا قدمي السائرة إلى الأمام تدفعها هذه الإرادة الثابتة الصامدة المتجلدة التي تخترق المدافن دون أن تنطرح تحت لحودها

إن فيكِ وحدكِ يا إرادتي يصمد ما لا تبدده أيام الشباب، فأنت لا تزالين حية وفتية تملأك الآمال، تجلسين على ركام المدافن وقد طبع الزمان عليها قبلاته الصفراء. إنك لن تزالي أيتها الإرادة هدامة لجميع القبور، فسلام عليك يا إرادتي، لأنه لا بعث إلا حيث تكون القبور

هكذا تكلم زارا. . . . . .

فليكس فارس

<<  <  ج:
ص:  >  >>