وبينا كنت أحمل هذه الأجزاء كعوامل لسعادتي وحياتي أمسيت أحملها ذكريات ثقيلة
هل بإمكاني أن أطرح هذه الذكريات عني كما تطرحين أيتها الشجرة هذه الأوراق البالية عنك كل خريف؟
أتعاودك ذكرى الأوراق المتساقطة بعد أن يكسوك الربيع سواها؟
فإذا لم تعاودك ذكرى الورقة الأولى فلماذا تعودين إلى إبداع الورقة الجديدة - كل ربيع - على مثال الورقة الأولى؟
أليست الورقة الأولى هي مصدر إلهامك ومدار حياتك؟ وحقك! أينما رأيت أوراقك قلت: هذه الورقة الأولى!
دعيني إذاً أفتش في هذه المسارب قبل أن تغمض عيناي. .
لأقول: هنا سحبت قدميها مرة، ففي هذا المكان جزء منها فلأحاول أن أوقظ هذا الجزء. . .
وأقول: هنا جلسنا ذات يوم وضحكت لنا الحياة. فلأحاول أن أستعيد هذه الضحكة من الآن من التي طوتها
وأقول: هنا تركت بقية منها لم تعد تحملها نفسها ولا يجدها أحد سواي. فلأجرب أن أستنقذ هذه البقية من النسيان!
وأقول: هنا يعبق الجو بأشذاء وعطور من جسدها يوم كان يتفتح للمياه كالزهرة، فلأجرب أن أغمر روحي بهذه الأشذاء وهذه العطور.
وهنا يطفح المكان بألوان محاسنها التي تحولت. . . فلأعمل على إحياء هذه الألوان الباهتة.
وهنا أمس أشياء كثيرة! أحسها ولكني لا أقدر أن أمسكها لأنها أفلتت مني كما أفلتت منها. . .
دعيني إذاً أفتش عن أجزاء نفسي في كل مكان، قبل أن يطو يني الزمان.
- ٣ -
أيها الزائر لحدي - هنا - لا تكثر التأمل في الأرض حيث ذرات جسدي تقيم لأنك لن تجدني هناك. . .