يؤذونه (ولا هو يتعرض لهم بأذى) قال أحدهم: ما زلت أعرف فيه مشية الشطار
هو ناقم ولكنك لا تلمح فيه هذه النقمة إلا هينة لينة، فلا يشكو الزمن كما يشكوه غيره من كبار الناقمين، كأنه أعلى من أن يضج بشكوى. . .
حملت على زمنٍ ظالعٍ ... فوف تكافى بشكر زمن
وهو إذ يتهجم على الأحياء ويستفد جهد ثورته، لا يوازن بين قدره وأقدارهم كما يفعل ابن الرومي في الهجاء، ولعل مرد هذا إلى أن دعبل لم يكن معجباً بنفسه كما كان ابن الرومي الذي أضعف أدواته الشعر
وإذا كان الهجاء آخذا بطبع الشاعر، فما باله يكره ملاقاة الخلفاء أمنية كل شاعر؟ أراد ابن المدبر أن يقدمه للخليفة فاعتذر أحد أصدقائه: إن أبا علي موسوم في الهجاء ومنيته أن يخمل ذكره. فقال دعبل لصديقه: ما عدوت الذي بنفسي
ولسنا نحب أن نختم هذا الفصل دون أن نشير إلى شيء من التسامح الذي تحلى به عصره. أحب أبو مسعد المخزومي أن يوغر عليه صدر المأمون فأنشد هجاءه فيه، فقال: أجبه، قال: لو أمرتني أن آتيك بالذي على منكبيه لفعلت. قال: أما هذه فلا. . .
إن العصر الحديث جد محتاج إلى ملوك وأمراء ووزراء يستبقون القتل والسجن لغير رجال الأدب