أن أول من أسلم منهم ملك اسمه (برمندانة). ثم يذكر ابن خلدون بعد ذلك من تولى الحكم بعد هذا الملك حتى يصل إلى الملك ساكورة (سبكرة) فيقول عنه: (وحج أيام الملك الناصر وقتل عند مرجعه بتاجور وكانت دولته ضخمة اتسع فيها نطاق ملكهم وتغلبوا على الأمم المجاورة لهم وافتتح بلاد كوكو وأصارها في ملكة أهل مالي فاتصل ملكهم من البحر المحيط وغانة بالمغرب إلى بلاد التكرور في المشرق، واعتز سلطانهم وهابتهم أمم السودان وارتحل إلى بلادهم التجار من بلاد المغرب وأفريقية. . . الخ)
هذا هو كلام ابن خلدون وقد تعمدت أن أنقله في هذه السطور الكثيرة لأنه قد شرح ما ألم به ابن بطوطة وما أجمله جونستون، فمن كلام ابن خلدون نستطيع أن نفهم بوضوح أي القبائل كانت تسكن في كل تلك الأقاليم، ونستطيع أن نفهم بوضوح أي هذه القبائل كانت تدين بالإسلام وإلى أي حد وصل الإسلام؛ ولكن ابن خلدون عاش في أوائل القرن الرابع عشر كما قلنا وهو إذ يتحدث عن هذه الديار يتحدث عنها كديار إسلامية انتقل إليها الإسلام من مختلف الجهات واستقر بها وأثر في أهلها، ولكننا قد نتساءل بعد هذا: كيف دخل الإسلام إلى تلك الجهات وكيف اقتحم على أولئك الزنوج غاباتهم وإحراجهم وبيوتهم ومدنهم؟ وكيف أثر في الأهلين وفي عاداتهم وأخلاقهم؟ هذا ما سنتناوله الآن بالبحث