لا ينبغي أن يبنى على وضعه الحاضر فقط؛ فإذا كان العلم قد تغلب هذه المدة القصيرة على كثير من الأمراض واكتشف جراثيمها، وصنع السموم المضادة لها، فإنه سيتغلب عليها جميعاً، ويفني الجراثيم على أخرها، وكذلك يقضي على عدو آخر فظيع للبشرية، وهو الحشرات؛ وعندئذ تستريح البشرية وتسير قدماً إلى الأمام - وفي النجاح الذي أحرزه إلى اليوم خير مؤيد لما أقول. . .
إن هؤلاء البدو الذين يرفع من حياتهم الأستاذ علي سيتحضرون حتما؛ لأن التحضر يجري بحكم قانون طبيعي قاهر. وهؤلاء البدو ليسوا سعداء، كما يظن، لأنه لا يمكن أن يكون سعيداً من يفترس أخاه لقبضة من العشب، أو جرعة من الماء. ونحن يجب أن ننظر إلى فتوحات العرب نظرة اقتصادية قبل كل شيء. . .
ثم أن هنالك فرقاً بين سعادة وسعادة. وسعادة اينشتين حين يقع على حقيقة جديدة، ليست هي سعادة زنوج أفريقيا، أو بدو نجد، لأن سعادة الإنسان الراقية أعلى من سعادة الإنسانية المنحطة، وهذا الفرق يشبه تماماً الفرق بين الرواية البوليسية السخيفة وبين (هاملت) وبين (اللذة) التي يحصل عليها القارئ العامي من قراءة الأولى، وبين (اللذة) التي يحصل عليها المثقف من قراءة الثانية. فلننظر إلى طبيعة اللذة والسعادة قبل كل شيء.