الأخرى ثم نشروا ثقافتهم وتشريعهم وعلمهم بتلك الممالك؛ وكان حظ مصر من تلك الشريعة الحمورابية وفيراً، إذ استوطن بعضهم البلاد المصرية ونشروا فيها حضارتهم البابلية، ثم ضرب المصريون بسهم وافر في التشريع وأدخلوا في تشريعهم تعديلات جمة وافقت روح عصرهم، وبذلك بذوا أساتذتهم الحمورابيين وعلوا بالتشريع المصري علواً كبيراً، وخصوصاً عندما أنشئوا مدارس التشريع في طيبة وغيرها لتغذي القضاء بنوابغ المشترعين
أثر القانون المصري القديم في القانونين الإغريقي والروماني
تدل الاستكشافات الأثرية والمباحث العلمية الحديثة على أن اليونان والرومان يدينون لمصر بكثير من المبادئ القانونية؛ فمنذ أوائل العصر التاريخي هبط مصر، بفضل الصلات البحرية والتجارية، بعض علماء اليونان مثل فيثاغورس وهيرودتس الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد ودرسوا نظمها وقوانينها. كذلك حضر إلى مصر عام ٥٥٩ ق. م المشرع الإغريقي صولون، فلما عاد إلى بلاده أدخل في تشريعها ما اقتبسه من مجموعة قوانين بوخوريس وأدمجه في قانون صولون الذي وضع في أثينا في مبدأ القرن السادس ق. م ومما أخذه المشرع صولون من قانون بوخوريس مبدأ أن المدين لا يجوز حبسه، لأن التنفيذ يجب ألا يتعدى مال المدين ويتجاوزه إلى شخصه. وقد أخذ صولون من قانون أمازيس أحد ملوك الأسرة السادسة بعد العشرين فكرة معاقبة كل متعطل ومن مالت نفسه إلى الراحة وعدم العمل فيما يدر عليه من المال الحلال ما يسد به رمقه وحاجات أسرته
كذلك اقتبس الرومان الكثير من القوانين المصرية وأدمجوها في قانون الألواح الأثني عشر الذي وضع في روما في منتصف القرن الخامس ق. م فقد أثبت العالم الفرنسي الأستاذ ريفيو وهو ممن وقفوا حياتهم على دراسة القوانين عند الأمم القديمة أن القوانين الرومانية ترجع إلى القوانين التي وضعها قدماء المصريين، إذ أن قانون الألواح الأثني عشر الذي هو أساس القوانين الرومانية مستقى من القوانين المصرية وأنه لا يتيسر معرفة كنه القوانين الرومانية ولاسيما المدنية منها إلا إذا فهم الإنسان أصولها التي وضعها قدماء المصريين فقد قال الأستاذ ريفيو ما تعريبه (إن المبادئ القانونية البحتة التي نص عليها