من انتعاشك، وما نرجو من نهوضك، فما راعنا إلا نبأ السيول الجارفة المدمرة. ولكن في صبرك وجهادك عزاء، وكل غمرة إلى انجلاء؛ وإن وراء هذا الظلام فجرا، وإن مع العسر يسرا
هذه سورية في نكبتها؛ فمن ندعو لنجدتها؟ إن ندعو العرب فأهل النجدة، وأولو الحمية، وحفَظة الجوار، ورُعاة العهد؛ في قلوبهم الراحمة لهؤلاء المنكوبين رجاء، وفي قرابتهم العاطفة عزاء، وفي أيديهم السخيّة ما يخفف البلاء. وهم للبائس خير وزر، وللاجئ أمنع عَصَر
وإن ندع المسلمين والنصارى فالدين يأمرهم بالتراحم ويحفزهم إلى المواساة؛ وإن لإخوانه فيهم لنُصراء رحماء يجيبون دعوة المضطر، ويمسحون دمعة المحزون، ويفرجون كربة المكروب، أن عليهم أن يمسحوا هذه القلوب الدامية، ويرفقوا بهذه الأكباد الواهية
بل أدعو البشر أجمعين والإنسانية كلها دعوة عامة شاملة، وأستنجد القلوب الرحيمة لا أستثني أحداً، أن تمد الأيدي الآسية إلى هذه الألوف التي يعوزها القوت واللباس والمأوى
يا معشر الكتاب والشعراء! كيف تقسو في هذه المحنة القلوب، وتجمد في هذه الكارثة الدموع، ويصمت في هذه الفاجعة البيان، ويخذُل القلم واللسان؟
إن ما بين دمشق إلى المعرة للسيل غارات، وللدمار آيات، وللشعر مقالاً، وللبيان مجالاً
دمشق العظيمة تستغيث، والمعرة الخالدة تستنجد؛ فيا أدباء العربية والإسلام! أحيوا الهمم واشحذوا العزائم. ويا أحباء أبي العلاء! هذا شيخ المعرة في بيانه، يستنجدكم لجيرانه:
يقول:
كيف لا يشرك المضيقين في النع ... مة قوم عليهم النعماء؟
ويقول:
من حاول الحزم في إسداء عارفة ... فليُلقها عند أهل الحاج والشُكر
ومن بغي الأجر محضاً فلينادِ لها ... برّا فقيراً وإن لاقاه بالنكر
فألقوا بمعروفكم هؤلاء الأبرار الشكرُ تجمعوا الحزم والخير في مكرمة. ولا تحقروا ما تسعفون به وإن قل. واستمعوا إليه يقول:
إذا طرق المسكين دارك فأحبُه ... قليلاً ولو مقدار حبة خردل