وفي أثناء الحرب سعت اليهودية إلى غايتها بجد ومثابرة، وقدمت إلى الحلفاء كل معونة ممكنة فامدتها بالقروض المالية، والفت فرق يهودية عسكرية تحارب إلى جانبهم. وتولى الزعماء اليهود: لورد روتشيلد والدكتور ويزمان ومسيو سوكولوف تنظيم هذه الحركة والسعي لدى دول الحلفاء وبخاصة إنجلترا في تحقيق مشروع الوطن القومي، وأسدى الدكتور ويزمان، وهو علامة كيمائي ومخترع بارع إلى إنجلترا أثناء الحرب خدمات جلية، بتولي المباحث الكيميائية في المعامل الإنجليزية: واختراع مادة جديدة للمفرقعات القوية. وأسندت إليه منذ سنة ١٩١٧ رآسة الهيئة الصهيونية العالمية. وكانت إنجلترا تجد يومئذ هجومها على فلسطين، وأمل اليهودية يبدو على وشك التحقيق. وكانت فرنسا أول من تقدم من الحلفاء لتأييد مشروع الوطن القومي اليهودي بصفة رسمية: ففي يونيه سنة ١٩١٧ وجه مسيو كامبون وزير الخارجية الفرنسية إلى مسيو سوكولوف رئيس اللجنة الصهيونية التنفيذية يؤكد فيه عطف الحكومة الفرنسية على القضية اليهودية والوطن القومي، وفي ٢ نوفمبر سنة ١٩١٧ أصدرت الحكومة البريطانية عهدها الشهير بإنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين، وعرف هذا العهد باسم اللورد بلفور وزير الخارجية البريطانية يومئذ؛ وتلى في مجلس العموم البريطاني في النصف الثاني من نوفمبر في خطاب رسمي وجه إلى اللورد روتشيلد كبير اليهودية الإنجليزية وهذا نصه:
عزيزي اللورد روتشيلد: يسرني أعظم السرور أن أوجه إليك باسم الحكومة البريطانية التصريح الآتي بالعطف على الأماني الصهيونية اليهودية وهو تصريح عرض على الحكومة البريطانية وأقرته وهو:
(أن حكومة جلالته تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين: وسوف تبذل ما في وسعها لتحقيق هذه الغاية. ومن المفهوم أنه لن يعمل شيء مما قد يضر بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهدوية الموجودة في فلسطين ولا بالحقوق أو المركز السياسي التي يتمتع بها اليهود في أي بلد آخر)