غامضاً غموض النفس؟ أما تحديدي لهذا الغموض وهذا البيان فهو أمر لا أقدر على إبداءرأيي فيه بعد أن أثبتت الحياة أننا كلما زدنا قيودها اتسعت آماد حريتها. وكلما قبضنا عليها من مكان أفلتت من أماكن. . ومادام هذا شأن الحياة فليس غريبا أن يكون للفن أيضا مثل هذا الشأن، والفن أسمى ما في الحياة. وإنما روعة الفن في انطلاقه لا في قيوده.
وأخيراً أخذت هذا الجزء اليسير من القصيدة وآثرت ترجمته برغم غموض معانيه، مرتقبا من أحد شعرائنا الأفذاذ أن يؤدي نجوى أستاذنا الدكتور حق تأديتها، لأنها (في الحقيقة) كما فكر الدكتور، ستخلق نوعا جديدا في الشعر يأتي على هذه الألوان البالية الباهتة. ويخلق في الأدب العربي هذه المدارس الجديدة الشعرية التي تحمل طياتها البيان الرمزي وغير الرمزي. وهذه القصيدة نظمها (بول فاليرى) في مقبرة مشرفة على البحر، فكانت خطرة فلسفية تأميلة يصف بها حالة الكون وذاتية العالم المادي الذي يرجع إليه تراب الموتى، وراحة العالم الراقد في (اللاشعور) وحالة القلق النفسي الذي يعكر علينا صفاء هذا العالم. مريداً من وراء ذلك أن تأخذ النفس نصيبها من هذه اللحظات المتتالية الحينية.
ولا أدري أأحسنت العمل أم كنت سيئا؟ ولكنها جرأة أريد بها أن أستثير غيري ممن هم أمت مني صلة بالقصيدة وصاحب القصيدة.
القصيدة
. . إنها قدسية، مغلقة ... نارها توقد من غير غذاء
خيم الصمت على أرجائها ... وعلى صفحتها رف الضياء
سطعت أضواؤها وهاجة ... وأثارت فيّ أسباب الطرب
فظلال (كالدجى) ممدودة ... وقبور رصَّعوها بالذهب
أرأيت الظل في أكنافها ... حيث يرتج على الظل الرخام
وهناك البحر في غفوته ... قد ترامى قرب أجداثي ونام
هاهنا أمواتنا قد جثموا ... مدفئا أجسادهم هذا التراب
طاوياً أسرارهم في جوفه ... النشر ينطوي هذا الكتاب؟