أذنت العشاء فصلاها الباشا الصالح، ولم يكد ينلفت منها حتى أخذ يُعد مقصف الليلة من النقول المختلفة، والأشربة الهاضمة، والأزهار الجنية. وأخذت الأسرة زينتها النمامة الكاشفة واجتمعت في البهو الفسيح الفخم تستقبل أسراب السيدات والأوانس ومعهن أبناؤهن وأخوتهن من الأيفاع والشباب؛ فيعزف البيان، ويخفق العود، وتشدو الكواعب، ويهزج الحاكي، ويدور الرقص على نمطيه الشرقي والغربي، فتلتف الأيدي على الخصور، وتلتصق الصدور بالصدور، وتمتزج أنفاس الكحول بأنفاس العطور، ويقف رمضان المسكين من هذه المناظر المريبة وقفة شيخ من شيوخ الدين دفعت به الأقدار إلى ماخور!
هذه والله صورة ناطقة لأسرة أعرفها ويعرف أمثالها الناس. فمن عرفها فسيقول قصَّر، ومن جهلها فسيقول بالَغ؛ والحق أنها الواقع لا تنقصه إلا تسمية الأسماء وتعيين المنزل.