للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتصوَّرْ مبسِمَيْن الْتَقَيَا ... وعناقيْنِ: خَدِيناً لخدين

في أحاديثَ كأنفاس الصَّبا ... وشذا الوردِ ورَقْراق المعين

يقطعانِ الدهرَ في ظلّ الصِّبا ... بين لَثْم وعناق وأنين

كلَّما جَدَّ الهوى زادا به ... لَعِباً يُغْري ولهواً وحنينْ

هل ترى من غِبطةٍ رفَّتْ على ... مشهد أبدعَ يحلو ويَزِيْن؟

وقف الدهرُ عليه ثَمِلاً ... يغبِط الإِلفَيْن كالصبِّ الغَبينْ

لا أخافَ اللهُ قلباً هائماً ... ببنات الحسن من حُور وعِين

يا دعاءً ما استجابَتْه السما ... لعشيقيْن على كرّ السنين

ليتها في عاشقيْ قُرْطُبة ... لبّتِ القولَ لذُلِّ الضارعين

إن ما ذاقاه في ظل الهوى ... من أفاويق حَلَتْ، عادَ وَزِينْ

ضَرَبت أيدي النوى بينهما ... والنوى أقتلُ داءِ العاشقين

النوى؟ سل بالنوى مَنْ ذاقها ... يُزِلِ الشكَّ ويُخْبِرْك اليقينْ

ظمأٌ بَرْحٌ، وشوقٌ دائم ... وجوىً يُذوِي، وسقم وجنون

ما لها طِبٌّ يداوِيها خلا ... عودةَ الوصل قريناً لِقرين

يا لساناً وقَّع الشجوَ الذي ... سَحَرَ الدنيا وهزَّ المُغْرمين

ولدتْ (ولاّدةٌ) أنغامَه ... فتناغى بأفانين اللحون

قد أصاب الحبُّ من قَلْبَيْهما ... عاشقاً طهراً ومعشوقاً رزين

ما مشى الرَّيْبُ إلى قُدْسِهما ... وهوى الناسِ ارتيابٌ ومُجُونْ

يُعْصَمُ النُّبْلُ ويُحْمى حوضُهُ ... بقُوى النفس وبالخُلق المتينْ

يعرِفُ الصدقَ أخو الصدقِ فَدَعْ ... كذِبَ الشكِّ وغَمْزَ الجاهلين

ربَّ حبٍّ كنمير الماء في ... صفوه: طُهْرٌ وعذب ومصونْ

(بغداد)

محمد بهجة الأثري

<<  <  ج:
ص:  >  >>