للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كأَنَّنِي حُلْمٌ لَطِيفُ الرُّؤَى ... قَدْ طَافَ بِالوَسْنَانِ فِي فِكْرِهْ

حَتَّى إذا وَلَّتْ سِنَاتُ الكَرَى ... لَمْ يَبْقَ فِي القَلْبِ سِوَى ذِكْرِهْ

أَيْنَ الرَّبِيعٌ الطَّلْقُ فِي حُسْنِهِ ... أَيْنَ الشَّذَا الْفَوَّاحُ مِنْ عِطْرِهْ

أَيْنَ السَّنَا اللَّمَاحُ مِنْ نُورِهِ ... أَيْنَ الفَمُ الوَضَّاحُ مِنْ بِشْرِهْ

كَمْ عِنْدَهُ مِنْ رَائِعٍ خَالِدٍ ... يَعْيَا اللِّسَانُ الطَّلْقُ فِي حَصْرِهْ

قَدْ مَرَّ بالرَّوْضِ قَرِيبَ المَدَى ... كَخُطْوَةِ العَجْلاَنِ فِي مَرِّهْ

وَشَيَّعَ المُبْتَلَّ مِنْ غُصْنِهِ ... وَوَدَّعَ المُخْضَلَّ مِنْ زَهْرِهْ

وّآذَنَ الدَّهْرَ بِهِجْرَانِهِ ... فَرَوَّعَ الأَفْنَانَ مِنْ هَجْرِهْ

وَالدَّهْرُ أَطْوَارٌ تَقَضَّى بِنَا ... مَا مَرَّ لا يَرْجِعُ مِنْ طَوْرِهْ

وَذَلِكَ العَيْشُ بِهِ مِعْبَرٌ ... تَفَاوَتُ الأَعْمَارُ فِي عَبْرِهْ

الصَّفْوُ وَالكَدْرُ سَوَاءٌ بِهِ ... وَعُسْرُهُ أَهْوَنُ مِنْ يُسْرِهْ

وَشَرُّهُ ماضٍ إلى خَيْرِهِ ... وَخَيْرُهُ غَادٍ عَلَى شَرِّهْ

كَمْ فِي حَياَتِي عِظَةً لِلوَرَى ... لَوْ نُبِّهَ الغِرُّ إلى أَمْرِهْ

كُفِّنْتُ فِي مَهْدِي ولمَّا أَزَلْ ... ذَكِيَّةَ الأذْيَالِ مِنْ طُهْرِهْ

فَلَحْظَةٌ عُمْرِي. وَكَمْ يَشْتَكِي الْ ... إنسان قُرْبَ المَوْتِ في عُمْرِهْ

شَكِيَّةُ الإنسان مَا تَنْتَهِي ... وَإنْ يَعِشْ دَهْراً عَلَى دَهْرِهْ

مَا أَغْدَرَ المَوْتَ بأَعْمَارِنَا ... وَأَغْفَلَ الإنسان عَنْ غَدْرِهْ

وَأَلعَبَ الجَدَّ بآمَالِنَا. . . ... وَأَقْرَبَ المَولُودَ مِنْ قَبْرِهْ

(القاهرة)

(فتحي)

<<  <  ج:
ص:  >  >>