وكانت الثياب السوداء تلبس قديماً للدلالة على الحداد، سواء في لبسها لذلك الرجال والنساء. ومن المعلوم أن زي العباسيين الأسود إنما أنتحل حداداً لموت الأمام إبراهيم بن محمد وكذلك جاءت هذه العبارة في تأريخ مصر للنويري:(شق القاهرة وهو لابس السوداء، وأعلامه كذلك، حزناً على الظاهر).
ولكن الرجال في الأزمنة المتأخرة صاروا لا يلبسون ثياب الحداد، إذ كانت تيدو كأنها دليل على عدم الصبر على ما قدر الله أما النساء فلا يزالون يلبسونها في الشرق، ولكن عند موت الزوج أو القريب الأدنى، ولا يلبسونها في موت من تقدم به العمر؛ وقد جاء في معجم الأعلام الذي وضعه ابن الخطيب أن الشاعرة الشهيرة حفصة، عشيقة أبي جعفر أحمد بن سعيد، الشاعر الشهير ووزير صاحب غرناطة، لبست الحداد حين بلغها أن حبيبها قد قتل، ولكن هذا من غير شك شذوذ من العادة العامة.
ويكون الحداد بأن تصبغ المرأة بالنيلة قميصها وقناعها الذي تغطي به رأسها وتستر به وجهها ومنديلها صبغة زرقاء قاتمة أو قريبة من السواد. وتلبس النساء ثياب الحداد فترة الأيام السبعة أو الخمسة عشر أو الأربعين في بعض الأحيان.
أما في الأندلس، أثناء حكم الخلفاء الأمويين فكانت ثياب الحداد بيضاء. إذ نقرأ في تأريخ الأندلس للمقري هذه العبارة:(عليهم الظهائر البيض شعار الحزن).
ويلبس العرب ثياباً حمراء أو صفراء حينما يريدون الدلالة على الغضب. وقد جاء في كتاب ألف ليلة وليلة هذه العبارة:(لبس بدلة الغضب وهي بدلة حمراء) ولكن هذه العادة ربما كانت عادة تركية
أما في الغرب فكان اللون الأصفر هو الذي يدل على الغضب فقد لاحظ بيدودي سن أولون وويندوس أن ملوك مراكش كانوا إذا اعتزموا أن يسفكوا دماً لبسوا في الغالب ثياباً صفراء.