يقرأ تاريخهم ولكن عواطفه هي هي ركزت وثبتت فتلذذ اليوم بما يمثل عواطف الأقدمين وإن كرت عليها الدهور وتوالت العصور، وليس الأمر بهذا القدر من السهولة في الفصل بين الأدب والعلم. فهناك أنواع يصعب الفصل فيها حتى على الخاصة أأدب هي أم علم، هناك أدب (معلم) وهناك علم (مؤدب) هناك تاريخ صيغ صياغة أدبية فلا يكتفي بسرد الحقائق وتعيين سبب وقوعها وإنما يضع ذلك في قالب يثير شعورك للإحتذاء والقدوة أو للحب أو الكراهة. وهناك فلسفة صيغت في قالب قصة، وهناك طبيعة وكيمياء صاغتها يد صناع ماهرة في الفن تحمل قلم أديب فأخرجت منها موضوعات شيقة تثير عاطفة الجمال وتستخرج الإعجاب بما في هذا العالم من إبداع وفن.
هذه الموضوعات وأمثالها ليست أدباً خالصاً ولاعلماً خالصاً وإنما هي علم أدبي أو أدب علمي، هي أدب بمقدار ما تثير من عاطفة، وهي علم بمقدار ما فيها من حقائق.
العلم لغة العقل، والأدب لغة العاطفة، ولكن لابد في هذه الحياة أن يلطف العلم بالأدب، والأدب بالعلم، فالعقل إذا جمح استخف بالشعور وجعل الحياة ثمناً للعلم، وهو إذا مزج بشيء من الأدب مس الحياة ورفّه على الناس، والعاطفة إذا شردت كانت ثوراناً وهياجاً. ألا ترى التعجب يزيد فيكون نباحاً، والعشق يهيم فيكون جنوناً؟