للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَبَثَتْ برونقِها يدُ الدهرِ ... وبدا البِلى بعروقِهِا يَسريِ

وتناثرتْ اوراقُها - وَثَوَتْ ... فوق الثرى - كتنُاثرِ الدرِ

لهفي على حسنٍ تصحّوهُ ... أيدي العفاءِ وسطوة الغدرِ

كانتْ تَزيُنُ الرَوضَ روعتُها ... وتضمِّخُ الأرجاَء بالعطرِ

كانت وكان الفجرُ يعبدها ... بين الرياض ولم تكنْ تدري

جاسَ الغرامُ فؤاده وكوى ... منه الضلوعَ بلمسهِ السحري

فبدا له، فأراقَ مهجتهَ ... فيها، فكانتْ ديمة القطر

ليس الندى إلاّ دماه، ألا ... لله من فعل الهوى العذري

يا زهرة روَّيتُها بدمي ... وسقيتُها بمدامعي الحمرِ!

نامي بحضنِ الأرضِ هانئةً ... إنَّ الردى خيرٌ من العمر!

إنَّ الحياةَ لمَرَّةٌ أبداً ... ملأى من الآثام والشرِّ!

أسقتنيَ الأيامُ من مَدَرٍ ... وغذتنيَ الأقدارُ بالمرِّ

صافَ الهنا عنِّي، وقد نَفَرتْ ... مني السعادةُ كالظِبا الُعفْرِ

قد كان لي يا زهرتي أَملٌ ... لكنما اودى به دهري

وحبيبةٌ كالصبح طلعتُها ... غَدَرَتْ كأنَّ الحسنَ بالغدرِ

يا زهرتي، يأتي الربيعُ غدا ... وينمِّق الجنّاتِ بالزهرِ

ناميِ بحضنِ الأرضِ حالمةً ... بمجيئهِ، وببسمةِ الفجرِ

لكنّ آمالي وقد غَربتْ ... ليست تعودُ؛ غلبتُ في أمري

لك في مماتكِ عودةٌ وأنا ... بعد المماتِ أظَلُّ في قبري!

(بيروت)

جورج سلستي

<<  <  ج:
ص:  >  >>