للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لك الله يا فلسطين! لشد ما تكابدين من عسف القوى وكيد الغني وقسوة الظالم!!

إن دموعك منذ الفاجعة لم ترقأ، وجروحك منذ الواقعة لم تندمل، وصوتك الجازع المكروب لا يزال يجلجل في أعماق الشرق وآفاق العروبة مستغيثا من الخطب الذي ناء بألمانيا وأنقضَ ظهر الدول! ولكن بنيك البواسل يا فلسطين يتنافسون في مجد الموت وشرف التضحية! فهل تخشين أن يعيث في أديمك المقدس عائث، وأنت ترين شبابك الميامين يخوضون غمرة الهول وراء زعيمهم الشيخ، وصدره الواهن مشبوب بعزم آبائه، وشعره الأبيض مخضوب بدم أبنائه؟

الوطن العربي اليوم في البلاء سواء. لأنه فقد الروح الفتية التي كانت تعمره، والحيوية القوية التي كانت تغمره، وأصبح هيكلا متهدم الجرف لا يملك بعضه بعضا.

على إن فزعته الإجماعية لمظلمة فلسطين تبعث الأمل في عودة تلك الروح ورجعة هذه الحيوية. ولعلها فزعة المغيث المسعف لا فزعة النادب الآسف! فان مصاب فلسطين لا ينفع فيه البكاء ولا يدفع منه الخزن

إن فاجعة وادي الحوارث صورة صغيرة لمصير فلسطين إذا استنام أهلها للوعود، وبيعت أرضها لليهود، وقبض العرب أيديهم عن معونة إخوانهم على دفع هذا الخطب.

وان دول الأرض جمعاء لتعجز عن إيفاء وعد بلفور ما دامت الأرض في يد العرب، فإذا ما استنزلوا عنها بأغلاء الثمن وإغواء الذهب شتتهم القانون وحده تحت كل كوكب.

فان اليهودي إنما جاء فلسطين ليشتري وطنا يستعمره، لا حقلا يستثمره، فكل شبر من الأرض يخرج من يد العربي يدخل إلى الأبد في يد اليهودي، ويومئذ لا يرده إلى أهله احتجاج ولا تظاهر.

وما الاحتجاج والتظاهر إلا إعلان للحق لا دفاع عنه.

والدفاع المنتج عن فلسطين أقواه وسيلتان:

أن يأخذ الزعماء والعلماء موثقا من الشعب إلا يبيع المضطر أرضه لغير العربي مهما خدعته المطامع ودلاه الطامع بغرور.

أن يقوموا بدعاية منظمة قوية في الأقطار العربية، وعلى الأخص في مصر، إلى تأليف الشركات العقارية لاستعمار فلسطين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>