إننا في حاجة إلى مثل هذا الإيمان في هذا الزمان أكثر من أي زمان آخر، لأن المصائب انصبت على العالم العربي من كل حدب وصوب. ومن المعلوم أن كثرة المصاعب والمصائب تفتح باباً إلى تسرب الفتور والقنوط إلى القلوب التي لا تتجهز بالأمل القوي، ولا تتقوى بالعقيدة الراسخة
ونحن نعلم أن الأمل من أهم عوامل السعي والعمل، وأما القنوط فهو من أفعل دواعي التقاعد والشلل. ولهذا السبب نستطيع أن نقول: إن تطهير القلوب من شوائب الفتور والقنوط وتجهيزها بالأمل والإيمان يجب أن يكون من أهم أهداف العاملين، ولاسيما في الظروف التي أحاطت بالعالم العربي في خلال هذه السنين
وبهذه الوسيلة، وقبل أن أختم كلمتي هذه أود أن أذكركم بإحدى الأساطير اليونانية، وهي (أسطورة باندور):
باندور كانت إلهة جمة الخصال تكونت من عطايا جميع الآلهة: أعطتها كل إلهة من الآلهة الموجودة في ذلك الحين شيئاً من خصالها، ولهذا السبب سميت هذه الإلهة الجديدة باسم (باندور) بمعنى (عطية الكل)
عندما غضب جوبيتير على هرقل وأراد أن ينتقم منه فكر في إغرائه بواسطة باندور، فسلمها علبة سحرية، وطلب إليها أن توصلها إليه من غير أن تفتحها وتطلع على ما فيها. وحملت باندور هذه العلبة، غير أنها لم تستطع أن تتغلب على ميل الاستطلاع في نفسها، ففتحت العلبة في طريقها؛ وعند ذلك أخذ يخرج من العلبة جيش عرمرم من المساوئ والشرور، وينتشر في الأرض بسرعة العاصفة مع أزيز هائل. اندهشت باندور من كل ذلك، وأخذت تبذل كل ما لديها من قوة لإعادة إقفال العلبة بسرعة؛ غير أنه قد خرج من العلبة جميع الشرور قبل أن تتمكن من ذلك، ولم يبق فيها إلا شيء واحد، وكان ذلك الشيء الذي بقي في العلبة مقابل جميع تلك المساوئ والشرور هو (الأمل)
إن حالة العالم العربي الآن تشبه الحالة التي حدثت عند انفتاح علبة باندور المذكورة في هذه الأسطورة. لقد انتشرت المصائب والشرور في العالم العربي، ولم يبق بين أيدي أبنائه شيء غير (الأمل)، فيجب علينا ألا ننسى أن الأمل هو من أهم عوامل العمل، ولابد أن