عصور مختلفة. فيها مدفع كبير بجانبه قذائف مكورة من الحجر وقد نقش عليه بالعربية بيتان يدلان على أنه من مدافع سليمان، وأنه صنع سنة ٩٢٨هـ وهناك مدافع أخرى نقش عليها أسماء صانعيها؛ وأمام المتحف قنبلة سوداء مخروطية طويلة هي بعض ما ألقاه الأسطول الإنكليزي على الجيوش العثمانية حينما سدّت طريق الدردنيل بأبدانها وإيمانها
وفتحنا الباب فإذا دهليز على جانبيه تمثالان لجنديين دارعين من انكشارية القرنين الثامن والتاسع من الهجرة. ثم سلكنا الدهليز بين بنادق كثيرة من صنع القرن الماضي والقرن الحاضر. ولست أستطيع ولا أستحسن أن أصور لك كل ما رأيت في هذا المعرض العظيم من تاريخ الصناعات ومجد العثمانيين وعبر التاريخ: أكدس من الوقائع والعبر، يضيق عنها النظر والفكر، وإنما أصف لك ما غلب على الذاكرة، من بينها: المتحف كنيسة قديمة تقوم على ساحتها قبة كبيرة عالية ويدور بها طبقتان من الأروقة سرنا في الرواق إلى اليمين ودرنا معه فإذا بنادق ومدافع وآلات حربية كثيرة ومناظر لبعض الحروب، حتى انتهينا إلى سيارة في نوافذها ثقوب؛ فهذه السيارة التي قتل فيها المرحوم محمود شوكت باشا وهو صدر أعظم في عهد السلطان محمد الخامس؛ وبعدها صور وآثار كثيرة لمتأخري القواد العثمانيين: علمدار مصطفى باشا ومختار الغازي وأنور وغيرهم. ثم خرجنا إلى وسط الكنيسة فرأينا في صدرها صورة الغازي مصطفى كمال باشا بجانبها أنواع من الأسلحة القديمة والحديثة. وسرنا قليلاً فإذا درع قديمة تتخطاها العين غير حافلة، حتى إذ أوقفها التطلع قرأت عليها:(درع الفاتح) فأخذها جلال الذكرى وأدركت فرق ما بين المظاهر والحقائق، بجانب الدرع سيوف من ذلك العهد وتروس محكمة الصنع منها ترس محمود باشا أحد الصدور في عهد الفاتح، وترس يعقوب جلبي بن السلطان مراد الأول. ويقال إن السلطان بايزيد أمر بقتله وهو يتعقب العدو في موقعة قوصوه الأولى سنة ٧٩١، ثم سيوف لسليمان القانوني فيها سيف كتب عليه:
على الله في كل الأمور توكلّي ... وبالخمس أصحاب العباء توسُّلي
ورأينا بعد هذه خوذات أهداها نابليون إلى السلطان سليم الثالث، وعلماً رفعه العثمانيون في موقعة قوصوه الأولى، ثم مخلفات السلطان عبد الحميد. وهكذا نطوي العصور في لمحات. فالفاتح وبايزيد وسليم وعبد الحميد طواهم التاريخ في سجله، وجمعهم الزمان في معرضه،