للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الزمن العريق في القدم، وأنه كانت هناك أرض مغطاة بالأعشاب مخصصة للماشية. على أي حال فإن أراضي الرعي في عهد الدولة القديمة كانت قليلة في الصعيد لدرجة كبيرة حتى اضطر القوم أن يرسلوا ماشيتهم في عهدة رعاة إلى الدلتا مدة أشهر الصيف. ولعل هذه الحال تغيرت فيما بعد وأصبحت كما هي اليوم حيث تربي الماشية على علف خاص يزرع لها

أستأنس المصريون قليلاً من الحيوانات منها الماشية التي اتخذوا منها اللبن وزودت الأغنياء باللحوم وأستعملها فوق ذلك وسيلة من وسائل النقل. وإن أهم حيوان في هذه الناحية كانت الإبل. أما الغنم فلم تقتصر الفائدة على لحومها بل كانت هامة أيضاً لأصوافها؛ ثم استعملت الخنازير فيما بعد (للدوس) فوق البذور بعد بذرها

ومن الحيوانات التي استأنسها المصريون الجدي والكلب السلوقي والقط؛ أما الحصان فلم يعرف إلا بعد دخول الهكسوس مصر. وكذلك ظل الجمل مجهولاً حتى عهد اليونان

وكان للثور أهمية كبيرة كأهمية الجاموسة في العصر الحالي. وكان الفلاحون يعملون على تسمينه بإعطائه خميرة من العجين إذا قل غذاؤه الطبيعي. وكان الرجال يحلبون البقر بدلاً من أن يقوم النساء بهذه العملية

وترى في النقوش التي تمثل لنا حياة المصريين (جنباً إلى جنب) مع الحيوانات المستأنسة صورة غزالة خجلة، وكانت هذه من الأطعمة الفاخرة للأغنياء وقد عملوا على تسمينها بإعطائها خميرة - كما كان الحال مع الماشية - وليس هناك ما يدل على أنها ربيت، بل يرجح أنها كانت تصاد من الصحراء بشباك أو فخاخ

ولم يستأنس المصريون الطيور إذ كانت برك الدلتا ملأى بالبط على أنواعه، وأدرك القوم أن صيدها بالشباك وتسمينها في مدة قصيرة قبل ذبحها للأكل أوفر لهم من الإنفاق عليها لاستئناسها

وهنا يجب أن نذكر أن الدجاج لم يعرفه المصريون حتى عهد الدولة الحديثة عندما عادت إحدى حملات تحوتمس الثالث بأشياء عجيبة من بينها طيور (تبيض كل يوم بيضة)

على أن الزراعة كانت أهم ما أشتغل به أكثر المصرين على الأقل في فترات معينة من السنة، فقد كان النيل كريماً من ناحية وقاسياً من ناحية أخرى على البلاد: فهو كريم بما

<<  <  ج:
ص:  >  >>