للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أن يقرءوا ذلك في العدد (٢٣١) وإذا بصديقك الزيات يقول إن المجلس الذي أبلغك فيه رأي الدكتور، وكان حافلا بغيرك من رجال العلم والدين، كانوا لك وعليه، وأنك ظللت صامتاً ولم تحر جواباً

لقد أعجبني صمتك، لأن السكوت دليل على التسليم، ولكني لم أرض أن يزعم أن مجلسك كان حافلاً برجال العلم والأدب والدين، ويقول على لسانهم بأن السبيل (القاصدة إذن أن نطب لهذه الحال فيما يوائم بين طموح الناس وكرامة الأخلاق وسلامة المجتمع، وليس هناك إلا وسيلة من وسيلتين: إما أن نصد الناس جميعاً عن هذه الطرق المتعددة ونقصرهم على هذه الطريق الواحدة بقوة الأديان والسلطان والتربية، وذلك ما عناه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (عليكم بالجادّة ودعوا البنيَّات) وإما أن نعيد النظر في قانون الأخلاق فلعل فيه ما لا يرافئ تقلب العصر وتطور المجتمع. فأما الوسيلة الأولى فقد سجل الماضي ودلل الحاضر على أنها خيال نبيل لا يقع في الإمكان وحلم جميل لا تقوم عليه يقظة، وتعليل ذلك لا يغرب عنك فلا حاجة إلى تقريره. وأما الوسيلة الأخرى فهي على ما يرون مظنة التوفيق في الإصلاح الجديد)

يزعم أصدقاؤك أن إلزام الناس طريق الفضائل عن طريق الأديان والسلطان والتربية (خيال نبيل لا يقع في الإمكان، وحلم جميل لا تقوم عليه يقظة) ويؤكدون أن الماضي قد سجل ذلك، وأن الحاضر قد دلل عليه. . .

أما السلطان فأوافقهم على ذلك إذ:

لا ترجع الأنفس عن غيها ... ما لم يكن منها لها زاجر

وأما الأديان، فأي ماض قد سجل ذلك؟ هل قرأ أصدقاؤك التاريخ العربي قبل الإسلام وبعده؟ من هم أولئك الذين كانوا يأكلون الدم والميتة، ويئدون البنات، ويتزوج العشرة منهم امرأة واحدة؟ ومن هم أولئك الذين صهرتهم حرارة الدين فأخرجت منهم أبا بكر وعمر، ووطئت خيولهم الصين وسهول اللوار، وملئوا الدنيا والتاريخ عدلاً، وخاطب خليفتهم في بغداد السماء بأن تمطر أنى تشاء فالخراج لهم؟

إذا تعلم أفراد المجتمع الدين تعلماً عملياً صحيحاً، وساروا على صراطه المستقيم، فعسير أن يعيش بين أفراده مثل من ذكرهم صديقك الزيات. فعلة العلل أننا لا نعرف الناحية

<<  <  ج:
ص:  >  >>