ووراء هذه البَنيّة برج يعلو في الهواء ٤٢مترا عليه منظرة تطّلع على المدينة كلها وكان حوله بناء.
وعلى مقربة من (قبة آلتي) حجرة كبيرة هي اليوم خزانة الأسلحة القديمة أسلحة الملوك والأمراء. يرى الداخل أمامه بلطات كثيرة من سلاح مماليك مصر، والى يمينه خزائن زجاجية يطّلع فيها على سيوف لبايزيد وسليمان. وهذا سيف السلطان الغوري وهذا سيف طومان باي. وأما سيف قايتباي هذا فقد طبعه من حديد وجده عند الحجرة النبوية سنة ٨٨١. وهذان سيفان لمحمد الفاتح؛ هذا الطويل المحلى للمحافل، وهذا القصير العاطل للمعارك.
وبينا نتأمل هذه السيوف ونعجب من قدمها، أرانا المعرض ما هو ابعد في التاريخ وأجل شأنا؛ هذا سيف عليه اسم معاوية وهذه سيوف أموية طويلة مستقيمة، وهذا سيف لعبد الله بن عمر، وآخر لكعب الأحبار. وهذا السيف الطويل العريض المذّهب قائمه قد كتب عليه:(معاذ بن جبل كاتب رسول الله) بل هذا سيف عثمان بن عفان. سعدت حينا بالذِكَر ولم أكدرها بتحقيق الأسانيد.
وتقدمت قليلا لأرى دروعا لمماليك مصر: وهذه درع كاملة: قميص وسراويل وعلى الصدر أضلاع من الحديد.
ومشيت إلى جانب آخر من الحجرة فرأيت الأقواس والسهام ريشها ونصالها، والجُعَب، وهي قِسىّ تركية من نبات القرنين العاشر والثالث عشر هـ. وهذه جعاب (تراكش) محلاة مزركشة، وهذه درع هنجارية محلاة الصدر بالذهب والفصوص الكريمة، وهذه درع كتب عليها اسم الشاه عباس الصفوي، ولا أدري أي العباسين الأول أم الثاني؟
وليت شعري لمن هذه الدروع التي اتخذت جُنة من الآيات والدعوات تقرأ عليها: يا خفيّ الألطاف نجنا مما نخاف. فالله خير حافظا، يا مالك الملك، يا منجي من المهالك، أنت الباقي وكل شيء هالك. وبيِّن أن السجع يقتضي أن يكون: يا مالك الممالك الخ ولعله تحريف الكاتب أو الطابع.
سنتقدم ونمر إلى خفتانات من الجلد أو النسيج الصفيق ومغافر من الجلد والحديد. بل هذه مغافر للخيل؛ والفرس صديق الفارس في المآزق يحتاط له كما يحتاط لنفسه. وكانت الخيل