وشحن على البواخر إلى الهند والعراق ومدغشقر الخ وتجيئك الكتب تترى بذلك، فتعلم أن النشر غير منظم، وأنه كان في وسعك أن تخرج للناس من كتابك أضعاف ما أخرجت لو أن هناك نظاماً.
والعلاج عندي ليس أن تعين الحكومة الأدباء، فإن هذا يفضي إلى الظلم والغبن، ولكل حكومة من تؤثرهم بعطفها وبرها؛ والأدب ينبغي أن يبقى حراً، وإلا فسد، وتعفن. ولو أن الحكومة أرادت الإنصاف وصدقت نيتها فيه، لوجدت أن الأمر يوشك أن يفشو عليها، والنتيجة المحققة على كل حال هي التمييز والغمط.
إنما العلاج الصحيح العملي أن تقوم شركة ذات راس مال كاف تتولى النشر، وتنظم أسواقه في البلدان العربية كلها، وترتب الأمر فيما بينها وبين الصحافة على نحو يكفل التنويه الوافي في أوانه، وقد استطاعت دور السينما أن تنظم علاقتها بالصحافة على وجه مرضي، فلن تعز عنه دار النشر. وبذلك يستريح الكتاب ويطمئنون على حقوقهم، ويثقون بسعة النشر ويوقنون من إمكان التعديل على ما يخرجون كما يفعل زملاؤهم في الغرب.
وفي هذه الحالة يتسنى ما لا يتسنى الآن: الطبع الجيد، والحجم الموافق، والربح المضمون، ومع ذلك انتظام عمل الأديب وإتاحة الفسحة الكافية من الوقت للتفكير والكتابة والإتقان.
هذه - فيما أعتقد - هي الوسيلة العملية؛ فإن الأسواق موجودة، والقراء يعدون بالآلاف في كل قطر، والصحافة أداة وافية: فالأمر لا ينقصه إلا التنظيم؛ وهذا لا يكون إلا بالمال الكافي، فهاتوا لي المال، ثم انظروا ماذا أصنع لكم يا إخوان! ولا تخافوا أن أبدده. نعم. ستحدثني نفسي بذلك وتحاول أن تحملني عليه، ولكني سأقاومها، وسأروض نفسي على هذه المقاومة من اليوم، فلا تخشوا شيئاً، ولا تقلقوا على مالكم، ومع ذلك فلأن أبدده أنا خير من أن تضيعوه أنتم. ومتى كنتم تحسنون الإنفاق؟