للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- وأنت أيضاً تحبين يا ظمياء؟

- ألست إنسانة، يا سيدي الطبيب؟

(وهنا رأيت من الحزم أن أعلن نزاهتي، فأفهمتها أني أنكر عليها هذه البدوات، لأن الذي يهمني هو الوقوف على سر ليلى، واشهد أني لم أجد صعوبة في اصطناع هذا النفاق، فقد مرنت عليه بفضل ما ابتليت بالمنافقين الذين تقدموا وتأخرت. ويكفي ما مر بي من التجارب، وأخشى أن تقنعني الأيام بأن النفاق سيد الأخلاق).

- أنت يا مولاي طلبت أن أقص الحديث كما وقع

- كما وقع لليلى، لا كما وقع لك يا ظمياء، فأنت في عافية وليلى هي المريضة، والحكومة المصرية لم تكلفني استقصاء أخبار المتيمين في العراق، وإنما كلفتني مداواة ليلى المريضة في العراق.

- فهمت يا سيدي فهمت.

- زين، زين، ثم ماذا؟

- ثم وقف القطار فتلاحظ العاشقان.

- عاشقان؟ وهل يتم العشق في لحظة؟ هل نحن في السينما يا ظمياء؟

- وقع التلاحظ بين ليلى وبين ذلك الفتى، والتعبير بالعشق من عندي.

- شيء جميل! في أية مدرسة تعلمت يا ظمياء؟

- في المدرسة التي تعلمت فيها ليلى، وهي المدرسة التي أنشأها حكمت سليمان في سنة ١٩١١ بعد إعلان الدستور العثماني؛ وكان حكمت سليمان مدير المعارف في بغداد، وكان تعليم الفتاة في تلك الأيام من المسائل التي يختلف حولها المسلمون، فكانت ليلى أولى فتاة قُيد اسمها في تلك المدرسة.

(وهنا دونت في مذكرتي أن ليلى قديمة العهد بالثورة على مأثور التقاليد، وهذه نقطة مهمة سأعرضها على المؤتمر الطبي، ولعلها تكون السبب في كشف كثير من الأسرار، فالثورة على التقاليد تحدث رجة في المخ والأعصاب، كما حدثنا المسيو ديبويه وهو يحاضرنا بكلية الطب في باريس، وهو أستاذ فاضل كنت السبب فيما وقع بينه وبين زوجته من شقاق).

<<  <  ج:
ص:  >  >>