للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في الفرجة بين القسمين فإذا هي أمام المدافع، وإذا النيران تأخذها من كل جانب. لا تتبدل الحال ويواتي العثمانيين الظفر.

ويسقط إسماعيل عن جواده جريحاً وينجيه من الأسر القريب الفرار إلى تبريز

وبادر سليم يجمع الغنائم، ويزهى بما نال من ظفر على عدوه الجبار.

وسليم يدخل تبريز بعد ثلاثة عشر يوماً دون حرب، وكانت تبريز يومئذ دار الملك وبها خزانة إسماعيل قد جمع فيها ما أخذ من التيموريين وغيرهم من الأمراء الذين غلبوا على ممالكهم. وبينما يدبر للاستيلاء على ملك إسماعيل كله يرى بين جنوده إمارات العصيان فيرجع أدراجه قانعاً بما أحرز من نصر وما ملك من بلاده. ثم لم يقم في تبريز إلا ثمانية عشر يوماً.

هذا العرش مما غنم سليم في هذه الحرب الضروس.

وذكرت حينئذ الرجل الكبير قانصوه الغوري الذي خشي صولة سليم فمالأ الشاه إسماعيل فأفسد ما بينه وبين العثمانيين. وتتابعت الأحداث حتى كانت وقعة مرج دابق في رجب سنة ٩٢٢ قبل وقعة جالدران بسنين ثلاث. وتصورت سليماً يحرز نصراً بعد آخر ويطوي مملكة بعد مملكة بجنده وعدده، ولا سيما هذه المدافع التي لم يتسلح بها محاربوه.

وعدت أتذكر ما أعقبت عداوة سليم وإسماعيل من عداوة بين المسلمين، وما أثارا من ضغينة بين أهل السنة والشيعة، وما كان القتال إلا على السلطان والجاه وإنما كانت المذاهب تعلة.

ثم تمادت الفكر وتوالت الذكر فأخذت أقيس الرجال الثلاثة واحداً بآخر، وأتذكر ما كان منهم في السياسة والعلم والأدب. وقلت: هؤلاء الثلاثة الذين سيطروا على وسط البلاد الإسلامية كانوا يمثلون ثقافة الأمراء المسلمين. وفيما أثر عن ثلاثتهم من شعر نماذج من أدب أمرائنا في القرن العاشر الهجري. وهممت أن أكتب إليك في هذا يا صاحب الرسالة ثم تذكرت أني أصف آثاراً في متحف، وأن الكلام على قانصوه وإسماعيل وسليم جدير أن يستأثر بمقال أو أكثر. ولعلي أجد فرصة بعد.

عبد الوهاب عزام

<<  <  ج:
ص:  >  >>