الصين في أواخر القرن السادس للميلاد دين الإسلام الذي دعا إليه صاحب الرسالة بعد نبوته، مغالطاً في دليله إذ قال إنها ديانة جاءت من (الغرب) بالغين ففهم من (الغرب)(العرب) ووقع خطأ فاضح دون أن يشعر أن الإسلام لم يكن له وجود في جزيرة العرب قبل سنة ٦١٠ من تاريخ الميلاد. فظهر من هذا الاستقراء أن الدين الذي وصل إلى الصين في عهد (كائي وانغ) كان في الحقيقة المجوسية لا الإسلام. وعندنا شهادة نقلية في الكتب الصينية غير تلك الدلائل العقلية التي أشرت إليها آنفاً، ونعرف أن بعض المجوسيين قد وصلوا إلى (تشانغ آن) في أول عهد (كائي وانغ) وأنشئوا المعابد وكانوا يغنون في صلواتهم فيها. ومن أناشيدهم الدينية نوع يقال له (موفوش) يوجد ذكره في (ديوان أغاني الصين) وفسر صاحب الديوان هذه الكلمة بأنها نوع من الأغاني الدينية للمجوسيين الذين وردوا إلى الصين في عهد (كائي وانغ) وهذا دليل قاطع يرد على من يدعي دخول الإسلام في هذا العهد.
أما اتصال الإسلام بالصين فكان عن طريقين: طريق البر وطريق البحر. كان قتيبة ابن مسلم الباهلي الذي فتح كاشغر في سنة ٩٦ هـ، هو الأول الذي بعث وفداً من العرب بطريق البر إلى إمبراطور الصين أواخر تلك السنة فعرضوا عليه أحد الأمور الثلاثة: الإسلام والجزية والمحاربة. ولابن الأثير في هذا الوفد أقوال طريفة توجد في تاريخ الكامل، وللقارئ أن يرجع إليه في هذا الصدد، وأما وصول الإسلام إلى الصين بحراً ففيه اختلاف بين المؤرخين في سنة الوصول وفيمن هو أول من جاء بالإسلام إلى أقرب مرافئ الصين (كانتون).