لخير لي أن أسمع هزيم الرعود وولولة العواصف من أن أتنصت إلى مواء هذه الهررة الزحافة المترددة. ففي المجتمع أمثال لهذه الغيوم يسيرون مترددين بخطوات الذئاب وقد وقفت أشد بغضي عليهم.
(على من لا يعرف أن يمنح البركة أن يتعلم إنزال اللعنات) ذلك ما ألهمتنيه السماء الصافية مبدأ ينير سمائي كالكواكب في أشد الليالي قتاماً.
ما دمت فوقي أيتها السماء الصافية المتألقة بالأنوار فإنني لا أنقطع عن منح البركة وإيراد بياني إيجاباً وتأكيداً لأنير بعقيدتي جميع الأغوار المظلمة.
لقد جاهدت طويلاً حتى أصبحت مبارِكاً ومؤكِداً. وما ناضلت إلا لأحرر ذراعي فأبسطهما للبركة؛ وتقوم بركتي على الاعتلاء فوق كل شيء كما تعتلي السماء والسقوف المكورة وقباب الأجراس والغبطة الدائمة. فطوبى لمن يبارك هكذا. لأن كل الأشياء قد تعمدت من ينبوع الأبدية وما وراء الخير والشر؛ وما الخير والشر إلا خيالات عابرة وأحزان بليلة وغيوم متراكضة إلى الفناء.
والحق أن من البركة لا من اللعنة أن نعلم بأن فوق كل شيء تمتد سماء الصدفة وسماء البراءة وسماء الحيرة وسماء الاضطراب.
إن كلمة الصدفة لأقدم ما في العالم من نسب للأشياء؛ وقد أرجعت كل الأشياء إلى هذا النسب النبيل فأنقذتها من عبودية المقصد والهدف. وهكذا رفعت الحرية والغبطة السماوية عالياً ونصبتها كالقباب فوق جميع الأشياء إذ علمت أن ليس من إرادة أبدية تعلو بها لتبسط مقاصدها فوقها.
لقد وضعت حداً لهذه الإرادة بل لهذا الجنون وهذا الاضطراب عندما علمت أن الوقوف عند الحقيقة كان مستحيلاً وسيبقى مستحيلاً. فما هناك إلا قليل من التعقل وذرات من الحكمة تتلقفها الكواكب لخميرة امتزجت بالأشياء جميعها ولولا الجنون لما امتزجت بها.
ليس للإنسان أن يعطي من الحكمة إلا قليلاً. غير أنني وجدت في كل مكان عقيدة لها سعادتها وهي تفضيل الرقص على أرجل الصدفة العمياء.
فيا أيتها السماء الممتدة فوق رأسي، أيتها السماء الصافية المتعالية، لقد أصبح كل صفاء فيك قائماً على اعتقادي بأن ليس في الكون عنكبة خالدة، وليس فيه من الحكمة ما تنسجه