إن الخلافةَ كلما ذكر اسمُها ... شخصت إليك حواضرٌ وبوادِ
يا رُبَّ يومٍ فيه قد وفدت على ... مصرٍ، ومصرُ كثيرةُ الوفَّادِ
إنَّا أويناها غداة تشرَّدتْ ... وَعدت على دار السلام عَوَاد
أوَمَا استعارَ التركُ منا تاجها ... لجبين (محمود) ورأس (مراد)
منذا سواكَ يعيدُ عهدَ أُمَيَّةٍ ... بدمَشْقَ والعباس في بغدادِ
أصميتَ بالتقوى صُدورَ معاشرٍ ... مسخوا محيَّا الدين بالإلحادِ
لله إذ تَردُ المصلى خاشعاً ... تسعى إليه بخطوط المتهادي
وكأنَّ ركبَكَ لا يسير على الثرى ... وكأن جبريلاً لركبك حادِ
ملك يتوِّجُ مَفرِقيْه بالتقى ... نورُ الصلاح عليه أبلجُ بادِ
عجباً له يخشى الزمانُ نزالَه ... وعليه تبدو خشيةُ العبَّادِ
إنا عجمنا عودَه فإِذا له ... وجهُ البدور وصولةُ الآسادِ
حلوٌ مريرٌ صارمٌ متسامحٌ ... أرأيت كيف تقابلُ الأضدادِ؟
ما عيدُه إلا غداةَ تعُدُّه ... في شعبه فرداً من الأفرادِ
عرشٌ على الدستور قام أساسُه ... فإذا به أرسى من الأطوادِ
بُوِّئْتَ يا فاروقُ عرشاً كان في ... أيدي فراعنة بمصرَ شِدادِ
هم شاركوا الأرباب في مَلكُوتها ... كم صاح صائحهم وقال: عبادي
ضِمنوا بقاء رسومِهم وجسومِهم ... والحادثات روائحٌ وغَوادِ
قم سائل الأهرامَ عن تاريخهم ... ما فصَّل التاريخَ مثلُ جمادِ
هُنَّ الثقاتُ من الرواةِ برئْنَ من ... عصبية وسَلِمْنَ من أحقادِ
فأعِدْ لنا عهدَ الجدود وهات ما ... تركوا لمن تركوا من الأحفادِ
هَات الذخائرَ والسلاحَ لأمةٍ ... عزلاَء واستكثرْ من الأجنادِ
هذا الزمانُ مسلحُ لا يحتفي ... بعهود سِلْمٍ أو صكُوكِ حيادِ
أوما رأيت الطامعين بخيلهم ... حول الحمى يقفون بالمرصادِ
فاجعلهُ إن ذاقوه سمَّا ناقعاً ... واجعله إن مَسُّوه شوك قتادِ
فاروقُ دم واسلم لشعب مخلصٍ ... بنفيسه وبنفسه لك فادِ