روى المقريزي في (عقوده) هذا الخبر ونقله السخاوي في (الضوء اللامع لأهل القرن التاسع):
(كان أحمد بن عبد الخالق البدر القاهري إذا كتب له البيت من الشعراء أو نحوه في ورقة لم يرها ودفعت إليه، ويده من تحت ذيله قرأها، ويده وثوبه يحولان بين بصره وبين رؤيتها، إلا أنه كان يمر بيده على المكتوب خاصة فيقرأ ما كتب في الورقة، امتحناه بذلك غير مرة، وشاهدت غيره يفعل مثله أيضاً)
والذي رواه المقريزي إنما هو من (قراءة الأفكار) وهو من ضروب المسمى عند الفرنج وقد رأينا المنومين يفعلونه كثيراً
وذكر القفطي في كتابه (إخبار العلماء بأخبار الحكماء) رجلاً اسمه (مخرج الضمير) فقال: (هذا رجل اشتهر بهذا الاسم، وكان يدعى المعجز في إخراج الضمير، فانطلق عليه ذلك) ثم روى قصة من قصصه، و (إخراج الضمير) مثل: (قراءة الفكر) أو هو هي، والحكايات الصحيحة لبعض المتصوفة في المخاطبة أو المراسلة النفسية (الكهربية) هي من هذا الباب
كنت قد أقرأت حديث ذلك التنويم القديم المنومين: الدكتور سلمون والدكتور داهشاً) فقالا: هذا هو التنويم المغناطيسي بنفسه، وسلم سلمون ودُهش داهش! وسلمون هذا شاب من دمشق، وداهش فتى من بيت المقدس، وهذه الدكتورية وهذه التسمية أو التعمية هي أفنون من أفانين هذا التنويم. . . وما أقول ذلك لائماً أو عائباً، إني أعلم أن عملهما يقول لهما يا منومان، يا لا عبان، العبا كما تهويان، وتسميا وتلقبا بما تريان. . .
وكل في هذه الدنيا إما منوِّمٌ مستهوٍ وإما منوَّمٌ مسهوىً. وما الأول - يا أخا العرب - إلا مثل الثاني؛ فالمستهوِي مستهوىً، والقاهر مقهور، والمستعبد عبد، والحر غير طليق، وذو الإرادة فاقدها، والكون في موج القدر
وبصير الأقوام مثلي، أعمى ... فهلمو في حندس نتصادمْ
بل ليس الناس كلهم أجمعون غادين ورائحين وعاملين ومتناحرين على الرغيف - إلا نائمين منومين، إلا في شبه الحالة المسماة عند الفرنج وما الإنسان إلا النائم السائر (وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود)