طار يبغي وَكرَهُ مقتحما ... كلَّ لُجٍّ لا يبالي الغَرقا
واحتواه شوقه مضطرما ... فتلظَّى قلبُه فاحترقا
شيَّعوهُ يا لَه مِن كوكب ... كان ملء العين والقلب ضياَء
سارتْ الدنيا له في موكِب ... زلزل الأرض وكم أبكى السماَء
إِن غداً جُسمانُه في العَلَمِ ... فهو نَجْمِ في هلال ونجومْ
أو بدا في الموت كالمبتسم ... فسجينُ فَرَّ من دار الهمومْ
لا تَشُقِّي مصرُ جيباً بعده ... يفزع الأبطال من شق الجيوب
بل فشقّي كل قلب عندهُ ... ثم قومي فادفنيه في القلوبِ
انثرى الأزهار من بين يديه ... فهو يهوَى في مُنى مصر المنايا
وارتدي صبرك لا تبكي عليه ... إن مجد الشعب تبنيه الضحايا
حبس القبرُ لديه جثةً ... ثم رفَّت روحها كيما تطيرا
فانشَقُوها بيننا ريحانةً ... والمحوها فوقنا بدراً منيرا
صوِّرُوا طائرةً فوق الضريحْ ... وأشهدوا الأنسر تهوى للفرارْ
قدمت أرواحها وهو طريح ... فديةً لو صحَّ في الموت الفرارْ
يا نسوِّرَ النيل طيروا في علاهْ ... ورِدوا الكوثر إن عزَّ الورودْ
منحتكم مصرُكم سرَّ الحياهْ ... فامنَحوها كل شيء في الوجودْ
هل رأيتم؟ هذه كفُّ العَلاءِ ... تكتب التاريخَ يا جند الشبابْ
سطرت سفْر الضحايا بالدماءِ ... فادرسوا العلياَء في هذا الكتابْ