وتوجيههم إلى ناحية معينة من التفكير السياسي. ومنذ أسابيع قلائل أنشئت في لندن محطة للإذاعة العربية تنحو نحو المحطة الإيطالية في إذاعة الخطب والمحاضرات والموسيقى العربية من العاصمة الإنكليزية؛ ومن أنها أنشئت في الحقيقة لمقاومة الأثر الذي تحدثه محطة باري في نفوس الأمم العربية، فإنها لم تسلك سبيل الدعاية المفرقة، على أنها تؤمل على أي حال أن تلطف من هذا الأثر الذي اعتبر في لندن ضاراً بهيئة إنكلترا وسمعتها في الأمم العربية. والذي يلفت النظر في أمر هذه الحرب الأثيرية الغريبة هو العبرة التي يمكن للأمم العربية أن تستخلصها منها؛ فهي في كلتا الحالتين الميدان المختار لأحداث الأثر والآثار المنشودة، وهي المقصودة بالتوجيه والتحريك، ولا ريب أن الأمم العربية ليست من الغفلة بحيث يفوتها هذا الاعتبار
في مجاهل التركستان
عاد أخيراً إلى ألمانيا العلامة الرحالة الألماني الدكتور فلشر بعد رحلة خطرة في مجاهل التركستان دامت أربعة أعوام، واستقبل في برلين بحفاوة عظيمة؛ وكان قد بدأ رحلته في سنة ١٩٣٤، وذلك بقصد استكشاف الخواص المغنطيسية والمعدنية للمنطقة الشاسعة التي تقع بين الصين والهند، فقصد إلى نانكين ومنها إلى التركستان في قافلة مؤلفة من زميل له وستة من الصينيين وأربعين جملاً، ولقي من الصعاب والمتاعب ما لا يوصف من اعتداء قطاع الطريق وتمرض رفاقه، والمرض المتكرر والحر المرهق. ولما وصل إلى خوتان قبض عليه الحاكم وألقاه مع رفيقه في السجن وصادر ما يحملانه من الآلات الفلكية والعلمية؛ ولبثا في السجن ستة أشهر، ثم أفرج عنهما أخيراً بتدخل ممثل إنكلترا؛ فاستأنفا رحلتهما إلى (لي) بعد أن عبرا جبال الهمالايا الشامخة
وأنفق الدكتور فلشر أربعة أعوام في الدرس والاستكشاف وفي رأيه أن هذه المناطق غنية بالبترول ولا سيما في شرق التركستان حيث تبدو آثار الزيت ماثلة في مياه الأنهر، كذلك هناك ما يحمل على الاعتقاد بوجود الذهب في سهل كشغر نظراً لأن الأهالي يحرزون كثيراً من تراب هذا المعدن النفيس
وقد زار الدكتور فلشر هذه المناطق من قبل في سنة ١٩٠٣ حيث سافر من طشقند في التركستان الروسية إلى منغوليا وكنسو، وفي سنة ١٩٢٦ عاد إلى طشقند وسار منها إلى