ولا بنتاج من العقل، لأنها مصرية القلب أجنبية اللسان، تغرِّبُ بهذا وتَشرِّق بذاك، وتنام هنا وتحلم هناك، وتأكل وتشرب فيظهر أثرها في مصر، ثم تقرأ وتكتب فيظهر أثرها في الخارج. فسيداتنا العبقريات الحسان: سيزا نبراوي، ونعمت راشد، وقوت القلوب، وإيمي خير، لا يمكن أن يتصل تفكيرهن بالأدب العربي ما دمن يجهلن لغة القرآن، ويحتجن في إفهام قومهن إلى ترجمان
على أن في هاتين الطبقتين شواذ لا يستطعن لقتلهن أن يكنَّ طبقة ثالثة. وهل تستطيع أن تعد في أقطار العربية كلها أكثر من الدكتورة أسماء فهمي، والماجستيرة سهير القلماوي، والفضليات الكواتب ابنة الشاطئ وجميلة العلايلي وفلك طرزي ووداد سكاكيني؟
هؤلاء على تفاوت بينهن يُجدن التفكير والتعبير، ويعطرن من حين إلى حين وجوه الصحف وصدور المجالس بأنفاسهن العبقة وأحلامهن الجميلة؛ ولكن فحولة الأدب في أنوثة العاطفة لم نجدها في امرأة بعد (باحثة البادية) و (مي)؛ وباحثة البادية في ظلال الخلد، ومي وا أسفاه على سرير المرض!
تلك حال المرأة مع الأدب. وهي حال اقتضتها طريقة التعليم وطبيعة المجتمع وحداثة النهضة. فمن الطبيعي ألا يجد فيها الأدب رفداً من إنتاج، ولا الأديب مدداً من وحي. ومن البديهي ألا تحس أنت في الرسالة وفي سائر المجلات سحر المرأة فتشكو الاعتلال والنقص، وألا يجد صديقنا الحكيم في المجالس والأندية عطر المرأة فيشكو الجفاء والجدب. وما دامت المرأة غائبة عن الأدب وعن المجتمع فهيهات أن يبرءا من علل الجفاف والإسفاف والسآمة والفوضى
يريد صديقنا توفيق الحكيم أن يجرب في برجه العاجي أثر المرأة الفاتنة في مجلس جماعة من الأدباء سماهم. ولقد كتبت في العدد التاسع من (الرسالة) ما يصح أن يكون نتيجة لهذه التجربة قلت: (لاحِظْ مجلساً من مجالسنا اجتمعت فيه الرجال شباباُ وشيباً فماذا تجد؟ تجد الحركات العنيفة والأصوات الناشزة والمناقشات الفجَّة والأحاديث الجريئة والكلمات المندية والذوق العامي والإحساس البطيء؛ ثم لاحظْ هذا المجلس نفسه وقد حضرته امرأة، تجد الحركات تتزن والأصوات ترق والمناقشات تُنتج والأحاديث تحتشم والكلمات تُنتقى والذوق يسمو والإحساس يّدِق؛ ذلك لأن الرجل حريص بطبعه على أن يُجمل سَمْته في