يقول هوبهوس (يجب أن تنمو الجماعة وحدة متناسقة فلا يتضخم فيها (فرد) ويصير مارداً على حساب الجميع)
ويقول الأستاذان (ديوي وتفت) إن مقياس كل نظام اجتماعي هو: (هل يجعل قدرة الفرد حرة في زيادة الخير العام؟ وهل يسمح بمساواة الجميع في فرصة إظهار الكفايات؟) بل إن (ديوي) ليقف عند كل نظام سياسي أو غير سياسي ليرى أي دوافع يثيرها؟ وأي أثر له على من ينفذونه؟ أهو يحرر القوى؟ وإلى أي حد؟ وللجميع أو للأقلية؟ وهل تسير القوى التي يحررها في طريق معقول؟ وإذا كان النظام نظام تعليم نراه يسأل (هل يرهف الحواس ويدرب العقول؟ وهل يثير حب المعرفة في النفوس؟ وما هو نوع (حب المعرفة) هذا؟ أهو عرضي يطفو أم جوهري يغوص؟)، وهكذا دواليك. . .
بقي أن نتساءل وما (المصير)؟ إلى ما هو أحسن كما يقول المتفائلون؟ الواقع أن الجماعة في تطور دائب مستمر وإن كنا لا نستطيع أن نعتبر كل تطور نجاحاً. وبعد الوقوف على آراء - هوبهوس - وديوي - وفاجيه - وشو - ويود - ومل - وبيري - في ذلك الموضوع نستطيع أن نقول: إن (النجاح في الجماعة ليس أتوماتيكياً بل يعتمد على الإرادة والقصد، وإن الهرم في الأمة يمكن أن يجتنب تماماً بمرونة العادات، وإن مذهب (إمكان التحسين) خير من التفاؤل البحت أو التشاؤم البحت، لأنه وحده يبعث على الأمل والرجاء، ويمنع الغرور واليأس، وإن (حرية الفكر) هي أهم عامل في التطور نحو (الأحسن) وخصوصاً إذا اقترنت بنية بريئة فاضلة ونفوس حازمة عاقلة، وإن (انحطاط) العهود التاريخية المظلمة ليس غير حقارات أفراد، وطوائف، وأحزاب، وجماعات، أكثر مما هو حقارات أمم وشعوب. وإذاً فتقدم الإنسان بيده لا بيد الطبيعة الصماء، وذلك طبعاً أفضل له وأشرف. وهاهو ذا تقدم العلم يقول لنا أن ليست هناك غاية موضوعة، ولكن هناك ما يمكن أو ما يجب أن يكون
ولكن تُرى من يدفع الجماعة إلى هذا (المصير)؟ وكيف السبيل إلى ذلك الدفع؟ يرى (أرسطو) أن ذلك هو واجب الحكومة وسبيله التربية، ولكن (ديوي) يخشى إشراف الحكومة لأنه يعتبرها أكثر جموداً وتلكؤاً من المجتمع، ولذلك نراه يعتمد على (الهيئات الحرة) أكثر مما يعتمد عليها؛ وهاهي ذي الحكومات كثيراً ما تخطئ في الخطط وتجني