لن أبحر - بعد - على قاربي المحطم من مرفأ إلى مرفأ؛ فما أطول الأيام حين أقضيها بين أمواج تتقاذفني!
والآن، فأنا أستشعر في نفسي الشوق إلى أن أغتمر في الخلود.
سأندفع إلى مجلس السمر، حيث اللجة ما لها من قرار، وحيث الموسيقى تتصاعد مختلطة في غير نغم. . . سأندفع إلى هناك وبين يديّ قيثار حياتي
سأوقع عليها ألحان الأبدية، وحين آتي على آخر لحن ألقي بها عند قدمي السكون
- ١٠٠ -
لقد أفنيت عمري أفتش عنك بأغانيّ. إنها هي التي قذفت بي من باب إلى باب، ومن خلال نبراتها لمست كل ما حولي، فانكشف أمام عينيّ العالم، فأحسست به
إنها أغانيّ هي التي علّمتني كل دروس الحياة، وهي التي كشفت لي عن مسالك غامضة، وحسرت لي عن كواكب تتألق في أفق قلبي
وهي قادتني إلى مفاوز في عالم من السرور والألم معاً؛ وأخيراً، ماذا عسى أن يكون باب هذا القصر الذي دفعتني هي إليه والليل ناشر أستاره، فوقفت بإزائه وقد تمت رحلتي؟
- ١٠١ -
إنني أباهي صحابتي بمعرفتك، وهم يلمسون شعاعك في كل ما أعمل فيندفعون إليّ يسألون:(من عسى أن يكون؟) فما أدري بماذا أجيب. . . ثم أقول:(حقاً، إنني لا أستطيع قولاً) فيتهكمون عليّ بكلمات لذاعة ثم ينصرفون عني في ازدراء، وأنت جالس هناك تبسم
وصغتُ أحاديثي عنك في أناشيد يتدفق في ثناياها السر الدقيق من قلبي، فاندفعوا إليّ يسألون:(خبّرنا عن معاني حديثك) فما استطعت حديثاً. . . ثم قلت:(من عساه أن يعرف؟) فابتسموا في تهكم ثم انصرفوا عني في ازدراء جامح، وأنت جالس هناك تبسم
- ١٠٢ -
في تحية واحدة إليك - يا إلهي - دع كل حواسي تنطلق فتلمس هذا الكون عند قدميك
وكما تتعلق سحائب يوليه وقد أثقلتها القطرات المكفوفة، دع قلبي ينحن عند بابك في تحية واحدة إليك