للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلماء الاجتماع والفيسيولوجين، ولم يستطيعوا التوصل إلى حل معقول. فنحن إذن لا نزال في عالم الفرضيات؛ أضف إلى ذلك ما يعرضه بعض الفلاسفة على أصحاب هذه النظرية من الأسئلة، فقد قالوا: إذا كانت النفس لها تلك القدرة التي يسندونها إليها - أي هي التي تحمي الجسد - فلماذا تتركه يفسد فيزول أو يمرض؟ وكيف توضح الحوادث التي تحدث في الجسد بعد مفارقة الروح له كأن يطول الظفر بعد الموت وينمو الشعر؟ وماذا نقول إذا علمنا أن بعض البوليب التي تعيش في المياه الحلوة إذا قطعت بصورة عرضية، أي إذا شطرت شطرين، يكون كل شطر منهما ذا حياة جديدة ويعيش؟ ألم يقرروا أن النفس لا تنقسم؟ إننا نجد هذه النظرية لا تخلو من الصعوبات أيضاً. ولقد وضع (داروين وكروسي) نظرية دعيت بالنظرية الروحية الكثيرة العناصر الحيوية فتقول: (الحياة ناشئة عن الروح والجسد معاً أي عن عنصرين. فلا يعتبر الجسم مادة عاطلة لا حياة فيها، بل هو مستعمرة لحجيرات كثيرة كل منها لها حياتها الخاصة؛ والنفس توجد هذه الحياة الكثيرة العناصر وتوجهها إلى جهة واحدة)

فهذه النظرية لم تكن أسعد حظاً من رفيقاتها السابقة، بل هي لا تختلف عن نظرية مدرسة مونبيليه من حيث توضيحها للحياة بالحياة نفسها

وفي ختام هذه البحث لا يمكننا إلا القول: الحياة هي قوة إلهية كامنة يبثها الله تعالى في الموضع الذي خصصه لها وهي كل جسم صالح للحياة. وقد تبين لنا أن العقل البشري منذ القرون الأولى إلى العصر الحاضر لم يكتشف كنهها، فهو إذن عاجز عن إدراك الحقيقة النهائية للحياة، ولعل الله يكشف لبعض الأدمغة الواسعة عنها فيخلص طائفة كبيرة من عناء التفكير فيها ويردعهم عن الوقوع في الزلات الجسيمة وارتكاب الأخطاء العظيمة

(انتهى بحث الحياة ويليه بحث الروح)

(دمشق)

محمد حسن البقاعي

<<  <  ج:
ص:  >  >>