وقالت أقلام (رينان) و (روشفور) و (بروان) من الغرب:
(كنت أتمثل أمامي عندما كنت أخاطبه ابن سينا أو ابن رشد أو واحداً من أساطين الحكمة الشرقيين)
(السيد جمال الدين الأفغاني من سلالة النبي، والمعدود هو أيضاً أنه أشبه بنبي. . .)
(كان رجلاً ذا خلق قوي، غزير العلم موفور النشاط، لا يجد الوهن إليه سبيلاً، جريئاً مقداماً؛ وكانت فصاحته لا تجارى خطيباً كان أم كاتباً؛ وكان لطلعته هيبة في النفس وعظمة وجلال؛ وكان فيلسوفاً وكاتباً وخطيباً وصحافيّاً، ولكنه كان فوق ذلك سياسيّاً. . .)
سياسي يغربل الحوادث ويعلق عليها ويرسم حدود الدولة والحكم الصالح للأجسام. . . وحبر ديني يصقل جوهر الإنسان ويرسم حدود الحكم الصالح للأرواح. . . وفيلسوف يخشى على حكمته التي رأى أمته في حاجة ماسة إليها، أن يجلب لها ضرائر تكيدها وتصرفه عنها، فلم يبتغ صاحبة يبني لها عشاً أو يقيم لها سقفاً يحن إليهما ويجبن بهما ويبخل. . .
وصوفيٌّ لا يُخدع بالتراب المزَوَّق، وينفق من الكنوز الخفية في ملكوت السموات والأرض. ولذلك أبى قبول الرتب والأوسمة التي عرضها عليه السلطان، فلما سئل في ذلك قال:(أكون كالبغل يحمل على صدره الجلاجل؟!)
وكذلك لما أصدر الخديو توفيق أمره بنفيه وعرض عليه قبيل السفر أحد أصدقائه الأثرياء من المصريين بعض النقود ليستعين بها في السفر قال له:(أبقها لك فإن الأسد لا يعدم فريسة أينما حل)
رجل رمزي فنان! رأيت له صورتين ما يفطن إلى شرح وضعه فيهما أحد فيما أعلم: إحداهما صورته وهو واقف قابض بيده على نموذج الكرة الأرضية. وهو رمز عظيم ومعنى جليل يدل على اتساع روحه ورحابة نفسه
وثانيتهما صورته وهو على سرير المرض في أواخر أيامه، وقد أمسك بيده المصحف الكريم ومسبحة، وبسط أمامه صحيفة إفرنجية، وذلك رمز واضح للدلالة على المعاني التي كانت تملك نفسه من الدين والتصوف والسياسة، وخلاصة مفيدة عن ذلك الرجل الذي التقى