للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكميت وغيره من شيعة أهل البيت، فاختار لهم ذلك الثقفي ليأخذهم بما أخذهم به قبله الحجاج ابن عمه، فسار فيهم سيرته. وكان من ضحاياه زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنه

فاضطرب الكميت بعد هذا في أمره، وقد سبق أن زيداً دعاه إلى الخروج معه فلم يجب دعوته، ولكنه ندم على هذا بعد قتله، وقال يلوم نفسه:

دعاني ابنُ الرسول فلم أُجبْه ... أَلهْفي لَهْف للقلب الفَرُوق

حِذَارَ منِيَّةٍ لابُدَّ منها ... وهل دُون المنية من طريق

وقال يهجو يوسف بن عمر:

يعِزُّ على احمدٍ بالذِي ... أصاب ابنه أمس من يسُوف

خبيث من العصبة الأخبثين ... وإن قلتُ زَانِينَ لم أقْذف

وقد كان مع هذا يظهر التقرب إلى يوسف بن عمر، ولا يبخل عليه بشيء من المدح. روي أنه دخل عليه بعد قتله زيداً فأنشده قوله فيه:

خرجتَ لهم تمشي البراحَ ولم تكن ... كمن حِصْنُهُ فيه الرِّتاجُ المضبَّبُ

وما خالدٌ يستطعم الماء فاغراً ... بعدلِكَ والداعي إلى الموت يَنعب

يعرض بخالد وقد خرج عليه الجعفرية وهو يخطب على المنبر ينادون: لبيك جعفر، لبيك جعفر، وهو لا يعلم بهم، فدهش فلم يعلم ما يقول فزعاً، فقال: أطعموني ماء، ثم خرج الناس إليهم فأخذوهم

وكان الجند القائمون على رأس يوسف يمانية فتعصبوا لخالد، ووضعوا ذباب سيوفهم في بطن الكميت فوجئوه بها وقالوا: أتنشد الأمير ولم تستأمره! فلم يزل ينزفه الدم حتى مات، ولا يبعد عندي أن يكون هذا بتدبير يوسف ليتخلص منه، فليس من المعقول أن يجرؤ هؤلاء القوم على هذا مع ما سبق من عداوة يوسف لخالد

وقد مات الكميت سنة ست وعشرين ومائة، وكان وهو يجود بنفسه يقول: اللهم آل محمد، اللهم آل محمد. وقد أوصى ابنه المستهل أن يدفنه بموضع يقال له (مكران) غير ما يدفن الناس فيه بظهر الكوفة، فكان أول من دفن فيه من بني أسد

عبد المتعال الصعيدي

<<  <  ج:
ص:  >  >>