للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إني لم أجن من كل مواعيده إلا الدموع والأشجان!! وإلا الجد العاثر الذي هو نصيب الممثل من الحياة!!

(لقد فقدت كل شيء!! فقدت شبابي، فقدت عِفتي، فقدت أخلاقي، فقدت استقامتي، ثم. . . فقدت الله!!

(هاأنذا يا صاح لا أملك الدانق الذي أمتع به نفسي، وأرفه به عن قلبي. . . وهاك حذائي!! يا ربي لقد خَصَفته حتى استحييت من كثرة الخصف، فهاهو عقبي نَعْل له!!

(وهاك (بنطلوني)!! لقد رفوته ورقعته، حتى لقد ذهب الأصل وبقي الرقع!!

(وهاك وجهي القبيح الشائه. . . أليس يبدو كأنما هبره كلب!!

(ثم إيماني؟! لقد انتزع اللئيم إيماني بالله، وأغراني بحرية الفكر!؟ ها. . . حرية الفكر؟! هذا الدماغ الفارغ العاجز يجب أن يكون حر التفكير؟! أسمعت؟! أليست هذه خرافة؟ اللص! لقد سلبني لبي وسرق مني عقيدتي وإسلامي لله! ثم أي جدوى عادت علي؟ ماذا كان الثمن الذي اقتضيته حينما خسرت حسن اعتقادي؟! لا شيء!

(لقد اشتد البرد أيها السادة، والريح يا رفاق ريح صر، أفلا تشربون كأساً؟! إن بالقارورة الصفراء ذات الأعنة، ما يكفينا جميعاً. . . ألا تشربون؟!

(هلم نشرب نخب هذا الجبار الثاوي هنا

(إني لا أحبه. . . بل. . . إني أمقته

(إنه ميت. . . لقد انتهى فيما كان يزعم. . . لن تقوم له قيامة بعد اليوم الملحد الكافر. . . أوه! ما لي أسبه وقد كنت أحبه؟! إنه كل شيء لي في هذه الحياة! إنه كأي جزء من جسماني عزيز عليّ! آه! لن أراه بعد اليوم!

(لقد قال الأطباء إني سأموت قريباً بسبب إدماني، ولذا أتيت إلى قبره أودعه، إذ ينبغي أن نصفح عن أعدائنا وأن نغفر لهم خطاياهم! ألسنا سائرين في دربهم الأبدي؟

وهنا بدا لنا الممثل في مسوح ملك الموت ففزعنا، وتركناه يناجي موسخين، وسرنا في طريقنا السادر الموحش مدبرين!

وطَلّنا رذاذ خفيف حلو فأنعش نفوسنا التي وجمت منذ حين

وعند المنعطف الذي يؤدي إلى المدينة حيث تنتثر الحصباء الناصعة كالدر فوق الأرض

<<  <  ج:
ص:  >  >>