دواوين الشعر التي لم يجد المسلمون مانعاً من تحليتها بتصاوير عجيبة للنبات الذي اتخذوا منه وحدات زخرفية كالأزهار والسنابل والأشجار، والحيوان كالسباع والغزلان والظباء وطيور البر والبحر والأسماك. ولكنه لوحظ أن الفنان أمسك يده حينما وصل إلى تصوير الإنسان، لا خشية الكفر ولكن خشية الملام والفتنة. واستمر الإمساك عن تصوير الإنسان حيناً حتى ازدهر الإسلام في بغداد، فترى أحد المصورين من الفرس يزين قصر أحد الملوك المسلمين في بغداد بفصول من قصة يوسف وزليخا توضيحاً وشرحاً لديوان الشيرازي الذي جعل من تلك السورة القرآنية ملحمة شعرية أتى فيها على وصف الغرام الذي كان مستولياً على فؤاد تلك الأميرة المصرية نحو ذلك النبي العبري
إلا أن هناك جانباً من الفن الإسلامي لم يلتفت إليه كثيراً قد اهتدينا إليه، وهو ما زينت به كتب العلماء والمؤرخين والأدباء من الصور التوضيحية في الكتب. وكان أولها القرآن الكريم الذي بذلت الجهود في تزويقه وتزيينه وتحليته، وإن لم يكن بنصوصه في حاجة إلى التجميل والتزويق. ولا تزال نسخ عدة منه الزينة الكبرى والحلية المثلى لكثير من المتاحف ودور الكتب في الشرق والغرب، التي اتخذت وجوده فيها مفخرة وبهجة ودليلا على الغنى الفني والثروة الأدبية.
ولم يكن في استطاعة بعض المتزمتين من رجال التفسير أن يمنع فريقاً من الفنانين من إدخال التصوير في الكتب، بدليل ما جاء في مقامات بديع الزمان المتوفى سنة ١٠٠٧م ومقامات الحريري (١٠٥٤ - ١١٢١م) التي تجلى فيها التصوير بالألوان لتمثيل مغامرات البطل المشهور أبي زيد السروجي وغيره
وشمل غيرهما من الكتب ككليلة ودمنة، وبعض أجزاء الأغاني للأصفهاني (٨٩٧ - ٩٦٧م) وألف ليلة وليلة، كثيراً من الصور الرائعة التي دلت إلى حد بعيد على الدقة والتذوق.
ولا يمكننا أن ننكر أن فناني الفرس كانوا أسبق إلى التصوير من سواهم؛ فقد أعطاهم الشعراء الفحول كالفردوسي المولود سنة ٩٣٩م، وعمر الخيام المولود في القرن الحادي عشر، والسعدي (١١٨٤ - ١٢٩١م) وحافظ المتوفى سنة ١٣٨٩م وغيرهم، موضوعات منوعة توحي إلى المصور فكرة الرسم لتوضيح النصوص. فالشاهنامة وحدها وهي تنطوي