عن وجده؛ على انه وهو في كنتوكي كتب رسالة في الانتحار ترينا أن الغمة أو اليأس كان قد أوشك أن يذهب عنه. خذ لذلك مثلا قوله:(إني لم اصنع في الحياة شيئاً يذكر أي إنسان أني عشت. ومع هذا فأن ما أعيش من اجله هو أن اربط اسمي بحوادث يومي وجيلي، وأن أقرن ذلك الاسم بصنيع فيه لمن حولي من الناس جدوى)
ولما عاد إلى سبرنجفيلد ظلت كتبه مدة اكثر من عام تترى على صاحبه، وفيها من حسن النصيحة وقوة الإقناع ورقة العاطفة ما يكشف لنا عن حقيقة نفسه ويصور نزعات وجدانه. كان يعزو ما بات صاحبه يشكو منه إلى اعتلال أعصابه والى ما تحدثه الوحشة والبعد عن الخلان وأحاديثهم في مجالس لهوهم من انقباض وضيق، والى ما تركته الوراثة في طبعه من شدة التأثر وقوة الانفعال؛ وكان يكتب ذلك في جلاء وقوة حجة هما من أبرز صفاته. وكان عجباً أن نرى مثل ذلك من لنكولن، فترى فيه العالم النفساني، والشاعر الرقيق العاطفة، وهو الذي علم نفسه بنفسه. . .!
وتزوج سبيد بعد ذلك وبقى لنكولن حيث هو، موقفه من ماري عين موقفه عقب ذلك الفرار الشائن؛ فعاد إليه بذلك ما شغلته قصة صاحبه زمناً من هموم نفسه! واصبح فإذا ضائق بوساوسه. وزاده تبرما بحاله وإنكاراً لشأنه ما كان يسمعه من صاحبه عن سعادته الجديدة بين يدي زوجه. . . لذلك لم يكن عجيباً أن يلتمس السكينة من جديد عند فتاه ناهد كان قد عرفها قبل أن يعرف ماري. بيد أنه كان يتجه بينه وبين نفسه إلى ماري، فهو لا يستطيع أن يبتعد بخياله عنها. قال في كتاب من كتبه:(يخيل إلي أنه ينبغي أن أكون جد سعيد لولا تلك الفكرة الملازمة لي، ألا وهي أن هناك شخصاً غير سعيد عملت أنا على أن يكون كذلك. أن تلك الفكرة ما تزال تريق روحي؛ ولا معدي لي عن أن ألوم نفسي حتى على مجرد الأمل في السعادة في حين أنها على ما هي عليه)
وكان لنكولن يحدث نفسه أنها لا تزال على الرغم مما حدث بحيث يتأنى لهما أن يتصلا أنهما أرادا ذلك. وكانت هي من جانبها تحس أن ما كان منه من هجران وقطيعة قبيل ما استعدا له من زفاف قبل ذلك بعام ونصف عام لم يصل على شناعته إلى مثل الصدمة القاضية. . .
ودبر رجل من صحابتهما وزوجه أن يدعواهما إلى مأدبة على جهل كل منهما بدعوة