شاع في نَفْسيَ الجلالُ ومَسَّتْ ... من هدى الباَرِئ المصوِرِّ قلبي
لمَحاتٌ تُشْتَامُ في آثارِه
يا رُبوعاً أفْوَافُهَا سَحَرتْني ... زَحْمَةُ الحُسْنِ حَوْلَها شغلتني!
تتبارى جُمُوعها باسِمَاتٍ ... وادعَاتٍ في زَهْوِهَا خَفِرَاتٍ
شَاقَهَا للرَّبيع طولُ انتظارِه
امْلأِي القَلْبَ من حدِيثِ الشبابِ ... وأَفَانينِ لَهْوِهِ المُسْتَطَاب
إيه يا زهْرَةَ البَنَفْسِج هاتي ... ما تحفظينه وأفِيضي
من حديث الهوى ومن أخْبَارِه
وصِفي يا وُرُود وَرْدَ الخُدُودِ ... ورُوَاَء الصِّباَ وطُهْرَ الوُعودِ
هِيهِ! هذا الرَّفيفُ هَاجَ فؤادي ... هات! هَاتِ الحَدِيث حُلوً انَديَّا
كنسيم الرَّبيع في أسْحاَرٍه
صَوِّرِي لي من الجمالِ الشِّفَاهاَ ... حالماتٍ رَفَّتْ عليها مُناَهاَ
هَدْهِدِي القَلْبَ يا ثُغُورَ الأَقاَحي ... رَوِّحِيهِ بهَمْسَةٍ من عِتابٍ
كم عَصَرْتُ السُّلاَفَ من قيثارِة
العَصَافيرُ في العِشاَشِ تُغَني ... ما أرى مِثْلَ لَحْنِهاَ أيَّ لَحْنِ
فَرَحٌ صادِقٌ ولَهْوٌ غريرٌ ... وهناءٌ ونشوةٌ وزِياَطٌ
يَرْغَبُ القَلْبُ بينها عن وَقاَرِه!
واليمَامَاتُ قَدْ ذَكَرْنَ الهديلاَ ... فَنَظمْن الغِناََء لحناً جميلاً
ناعماَتٍ في أيكها خافضاَتٍ ... يملأ السمعَ من غِناَها حنين
لو حكى العُودُ شَجْوَهُ لم يُجَارِه
والفَراشُ الطَّرُوبُ حُلوُ الطَّواف ... في الرُّبا، في البطاح، حولَ الضِّفَافِ
حائمٌ خافقٌ بعيدٌ قريبٌ ... جَدَّ في الرَّوْضِ سابحاً وتهاوَى
حائراً بين زَهْرِهِ وثمارِه
فَرْحَةٌ هَزَّ سِحْرُهاَ كلَّ حَيِّ ... صُغْتُ لحني من لحنِهَا العبقريِّ
تتوالى الأيامُ كرًّا ويبقى ... سِحْرُ هذا الجمالِ يُبهجُ نَفسي