كلُّ شيء له نصاب سوى الفن ... فلا حدّ ينتهي لنصابه
عصفت صيحة الردى بخطيب ... وهو لم يَعدُ صفحة من خطابه
سكتةٌ أسكتت نئيج خضمٍ ... عقد النوء لجّه بسحابه
سكتة أطفأت منار طريق ... كم مشت مصر في ضياء شهابه
ومضى (قاسم) وخلف مجداً ... تفرع النجم راسيات قبابه
قد نكرناه حين قام ينادي ... وفهمنا معناه يوم احتسابه
ربَّ مَن كنتَ في الحياة له حر ... باً شققت الجيوب عند غيابه
وتحّديتَ شمسه، فإذا ولّى ... تمنيت لمحة من ضبابه
لم يفز منك مرة بثناء ... فنثرت الأزهار فوق ترابه
يُعرف الوردُ حينما ينقضي الصي ... فُ ويُبكى النبوغ بعد ذهابه
كم ندبنا الشباب حين تولى ... وشغفنا بالبدر بعد احتجابه
كتب الله أن يعيش غريباً ... كل ذي دعوة إلى الحق نابه
لا ترى فوق قمة الطود إلا ... بطلاً لا يهاب هولَ صعابه
كلُّ ذات الجناح طير، ولكن ... عرف الجو نسره من غرابه
كم رأينا في الناس من يبهر الع ... ين وما فيه غير حسن ثيابه
يملأ الأرض والسماء رياءً ... وعيوبُ الزمان ملءُ عيابه
نقد الناس (قاسماً) فرأوه ... أصبر الناس في تجرع صابه
حجة الجاهل المراء، فإن شا ... ء سموا أمدها بسبابه
قد يغشى الوجدان باصرة العق ... ل فيعميه عن طريق صوابه
صال بالرأي (قاسم) لا يبالي ... ومضى في طريقه غيرَ آبه
كم جرئٍ لا يرهب السيف إن سل ... ونِكس يخاف مسَّ قرابه
والشجاع الذي يجاهر بالحق ... ولو كان فيه مرُّ عذابه
كيف يهدي النصيح إن رِيع يوماً ... من قِلَى من يحب أو إغضابه
وطريق الإصلاح في كل شعب ... عسِر المرتقى على مجتابه
يعشق الشعب من يدلله زو ... را بِمَذْقٍ من سخفه وكذابه