إلى المتنبي فإن خلود شعره من وحي خولة. وتطلع نحو بيرون فقد مات في سبيل امرأة من اليونان. وتذكر وريث التاج بالأمس أدوار كيف انطلق من قيود العرش ليخضع للمرأة. وإذا كنت مسلماً فإن رسولك أحب كثيراً من النساء
لم تصيخ بسمعك إلى أعداء المرأة وغلاظ القلوب؟ ألا سامح الله المعري وشوبنهور، فلقد أورثاك الشنآن، وطبعاك على التشاؤم. إنهما يسولان لك هذه البغضاء ليعطلا قصصك من مباهج الأرواح، ومتع الحياة. إنهما يريدانك على الخمول والفتور، ولئن كنت في ريب مما أقول، فاجمع كتبك واحرقها ثم أعد صفها وطبعها، وهي خلو من ذكر المرأة، كل من فيها من الأبطال، رجال في رجال، ثم انظر ماذا يكون، إنها ستبلى ويعلوها الشحوب، وهي معلقة بأبواب الوراقين، حتى إذا يئس الباعة من عرضها على المعرضين عنها نبذوها وراءهم، وطرحوها جنبات الدروب حتى يمر بها الكانس فيلمها ويرميها في مطارح الإهمال والبلى. وستمر بك أيام أشد سواداً من الليل تهدهد كبرياءك وتخمد صيتك، فينساك بعدها الناس، وتنطفئ من الأدب العربي الحديث شعلة ساطعة، فإذا صرت إلى هذا الدمار جن جنونك، وضربت بيدك منضدة الكتب، فمادت بما عليها واندلع الحبر من دواتك على القراطيس البيض، فيثور ثائرك وتحطم قلمك وتقذف به إلى حيث لا تمسك به ما حييت
أنت يا عدو المرأة فيك طبع المرأة. يقول الفلاسفة الذين أفسدوا قلبك عليه: إذا أجابت المرأة بلا فإنما هي قائلة في سرها نعم. وإذا أبغضت فقد أحبت، وإن كثيراً من النساء كن يكرهن الرجال فهوين على أقدامهم مقبلات، وما أنت يا توفيق الحكيم إلا أشد محب للمرأة وأصدق نصير لها، تملأ أحلامك بالرواء والبهاء، وتطوف بروحك كما يطوف الجمال بفنك، ونراها تسكب في فكرك سراجاً وهاجاً يضيء عبقريتك، ويلهمك البراعة والإبداع. ومن يدري فلعل وراء آثارك العظيمة امرأة تهزك وأنت تحلم، وتوحي إليك وأنت تكتب، من عندها تفجر نبوغك، ومن أنوثتها لمع نجمك حتى شهدناه مشرقاً في آداب العرب، متألقاً في سماء هذا العصر. ومن غيرك أجدر بأن يحب المرأة ويحن إليها ويحنوا عليها؟ بل ما يليق بالكاتب المبدع أن يعيش في الأرض التي لا تعطرها المرأة وتزهو على حواشيها النضرة
ليس كل النساء كجوديت؛ ولكم بين الرجال من هو (لاندرو)؛ ولن تكون الحرب إلا ليكون