تحمل. . . حماراً ميتاً! وهرب من الرائحة الكريهة إلى ناحية أخرى من الشاطئ. وتثاقلت عليه الشبكة أكثر من المرة السابقة، حتى إذا ما جذبها إليه خرج منها رجل حسبه الصياد (عفريتاً ممن اعتاد سليمان أن يحبسهم في القماقم يرمي بها إلى البحر). وصاح الصياد:
- الأمان، يا عفريت سليمان!
فيجيبه الرجل:
- تعال يا صياد، لا تهرب مني فأنا آدمي مثلك. خلصني لتنال أجري.
يخلصه الصياد ويعلم من أمره أنه ليس عفريتاً من الجن. فيسأله عمن رماه في البحر، ويجيبه بأن البحر مقره ومثواه. فهو من (أولاد البحر) وقع بالشبكة صدفة، وكان بوسعه أن يقطعها ليخلص نفسه، لولا أنه (راض بما قدر الله). ويسأل الصياد أن يعتقه (ابتغاء لوجه الله). ويتفق وإياه أن يجتمعا في ذلك الموضع كل يوم، فيأتيه الصياد بفواكه البر (وعندكم منها العنب والتين والبطيخ والخوخ والرمان وغير ذلك) ويأتيه هو (بمعادن البحر من مرجان ولؤلؤ وزبرجد وزمرد وياقوت وغير ذلك).
ويقرآن الفاتحة، ويخلصه الصياد من الشبكة ثم يتفقان أن ينادي الصياد عليه من البر كلما أراد، قائلاً (أين أنت يا عبد الله يا بحري!) فيلبي.
- والآن ما اسمك أيها الصياد؟
- اسمي عبد الله
- أنت إذن عبد الله البري، وأنا عبد الله البحري. انتظر حتى آتي لك بهدية
ويختفي عبد الله البحري في الماء هنيهة تبدو لعبد الله البري كأنها دهر. ويتأسف على تركه هذا المخلوق يفلت من يديه، وكان في استطاعته أن يأخذه إلى المدينة يعرضه في الأسواق، ويدخل به (بيوت الأكابر)
ويعود عبد الله البحري باللؤلؤ والمرجان والزمرد والياقوت ملء اليدين. ويعتذر لأخيه عبد الله البري عن عدم تمكنه من أن يحمل اله أكثر من ذلك. ولو أن (عنده مشنة لملأها له) ويتواعدان على اللقاء في الأيام التالية
وغدا عبد الله البري رجلاً واسع الثروة بفضل صداقته لسميه البحري. وقد أخفى سره إلا عن الخباز الذي أحسن إليه في عسره. وراح يقاسمه الجواهر البحرية