قم للمعلم وَفِّه ألتبجيلا ... كاد المعلم أن يكون رسولا!
أعلمت أشرف أو أجلّ من الذي ... يبني وينشئ أنفساً وعقولاً!
وأحسب أن معنى ذلك الشعر العذب واضح لا يحتاج إلى بيان، وصادق لا مبالغة فيه ولا تهويل! فترى هل يشعر المعلم عندنا بكل ما فيه من معنى؟ أو هل تساعده الظروف على أن يتمثل به ويحققه في حياته الخاصة والعامة؟ ذلك هو السؤال العسير الذي فكرت فيه كثيراً وتألمت من أجله طويلاً، ولست أدري متى يقف تفكيري فيه وألمي من أجله!!
إن المعلم أيها القارئ هو الطرف الأول في عملية التربية والتعليم، فإذا لم يستطع أداء عمله كما ينبغي فقل على الأمر السلام!
فترى هل يجوز أن يكون ذلك الطرف مجرد ناقل علم فحسب، ما أن يدخل الفصل حتى يتكلم ويتكلم، ويكتب بالحكك ويكتب، ثم يخرج ويدخل هكذا كل يوم ويخرج، دون أن تقوم بينه وبين الطلبة عاطفة من ود ولا وشيجة من إخاء؟؟
وترى هل يجوز أن يكون ذلك الطرف متبرما من عمله، ساخطً عليه، ثائراً على القدر الذي ابتلاه به، حاسداً لنظرائه في المهن الأُخرى حيث الراحة والجاه، والكسب الوافر والنعيم المرموق؟؟
وترى هل يجوز ألا يقبل ذلك الطرف على تلك المهنة الخطيرة إلا مضطراً لا ميل يدفعه، ولا غرام يحببه، بل هي الوظائف قد أقفلت بعد الجامعة أبوابها في وجهه، وهو (المعهد) قد فتحها ورحب به نائماً وآكلاً ودارساً دون ما أجر؟؟
وترى هل ينبغي أن يكون (بعض) هذا الطرف في المدرس الأهلية، وهي لا تقل عن مدارس الحكومة في عدد طلبتها، مجرد طالب عيش لا يفقه من أمور التربية شيئاً، ولا يدري عن طبيعة الطفل قليلا ولا كثيراً، ولا يستطيع إلا أن يرسل القول محفوظاً، فلا عقلا يكوّن، ولا شخصية يبني، ولا خلقاً يغرس، ولا نظاماً يصون؟؟