للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

علمي) دلت السوابق على وقوعه بحكم العادة أو النفوذ أو المجاملة. وكلمة (الاحتكار) التي جرت على لسان دار العلوم تنم عن شيء من الحنق الدفين على اختيار اللجان الأدبية، فقد أصبحت هذه اللجان وقفاً على نفر من الأدباء لا تنظر الوزارة إلا إليهم، ولا تعتمد في أعمالها إلا عليهم. كأنهم طائفة المستوزرين لا تحل الأزمات إلا بهم، ولا تؤلف الوزارات إلا منهم. ومرجع هذا الجمود إلى العادة الآلية التي تسير عليها السياسة والإدارة في الحكومة.

وفي رأينا أن إطلاق المشروع في مسابقة أو تقييده في لجنة لا يخلو من غميزة، فإن الموضوع المقترح لا تجدي فيه المسابقة ولا تؤدي، إذ الأدباء القادرون تعودوا ألا يدخلوا المسابقات تنزيهاً لكبريائهم الفنية عن حكم الأشباه، وضنا بجهودهم المضنية على تحكيم المصادفة، واكتفاء بما أخذوا به أنفسهم من الإنتاج الذاتي المستمر. والجائزة بعد ذلك كله ضئيلة لا تغري إرادة الكاتب وإن ضمنتها قدرته. أما غير هؤلاء فسيعالجون الموضوع معالجة الدارس الناشيء، يستزيد من دراسته ومعاناته علماً وفهماً لنفسه، ولكن ما يكتبه فيه قد يكون بعيداً عن قصد الوزير وخدمة الأدب وفائدة القاريء، لما يعوزه من اللقانة الخاصة التي يكتسبها فقيه الموضوع بالمران والزمن. تلك حال المسابقة؛ أما تأليف اللجنة فقد يكون أوجه الرأيين لو جرى الأمر فيه على مقياس الكفايات لا على تمثيل الهيئات وتمييز المناصب. ومن قبل أراد صاحب الجلالة المغفور له الملك فؤاد تأليف كتاب جامع في تاريخ إسماعيل، وكتاب ثبت في تاريخ مصر؛ فجاءه عن طريق المسابقة كتاب الأيوبي، وعن طريق الاختيار كتاب هانوتو؛ والفرق بين العملين هو الفرق بين السيرة والتاريخ، وبين الحيرة والخبرة.

ولكن أخوف الخوف - إذا غلب هذا الرأي - أن ينتهي الأمر إلى لجنة من اللجان الرسمية المحفوظة فلا نضمن التشجيع ولا الإجادة.

ولعل أجدر الوسائل بالنظر أن تنشئ الوزارة هيئة أدبية دائمة تنتج وتقترح وتراقب، ثم يوضع في يديها ست جوائز مقدارها ثلاثة آلاف جنيه، ويكون من عملها غربلة ما تخرج المطابع كل عام، ثم توزيع الجوائز على المجلين في فنون الأدب المختلفة في احتفال رسمي عام. ذلك أدنى إلى إنهاض الأدب وتجديده وتسديده. ولو أن مجمع اللغة العربية

<<  <  ج:
ص:  >  >>