وانصرف! ومن هنا كانت الطرافة والحيوية التي حسبنا الإشارة إليها تكفي أول مرة للفت النظر والفهم، فأخطأنا التقدير
وقد فهم الأستاذ شاكر أننا نعني بتلاعب الرافعي بالألفاظ، أنه قال مرة إن قزحاً لا يفصل عن قوس ثم عاد ففصلها! وما إلى شيء من هذا قصدت، وما يمكن أن يفهم ما قلته على هذا الوجه. إنما عنيت بالتلاعب أن يترك الناقد هذه الطرفة في الحس والخيال، ويعني بتخريج الألفاظ اللغوية، غافلاً عن النكتة المقصودة من فصل (قزح) عن (قوس) أو متجاهلاً لها، وهو ما صنعه الرافعي
أما ما ذكره الأستاذ شاكر من قول شوقي ورأي العقاد فيه فالأمر فيه مختلف جداً، فشوقي في بيته لا يذكر (قوس) أي ذكر، وإنما يورد (قزحا) وحدها ويقصد بها (قوس) كما يفهم من معنى البيت:
قصراً أرى أم فلكا ... وشجراً أم قزحا؟
فكان الحق مع العقاد أن يقول:(ولا تذكر قزح إلا مع قوس) ولكنه لم يوجب في قوله هذه ألا تفصل منها كما أوجبه الرافعي خطأ. وفريق بين تحتيم ذكرهما معاً وتحتيم اتصالهما كما لا بد أن يفهم الأستاذ!
على أنه يبقى بعد ذلك كله أن كلام شوقي لم يكن يتضمن (نكته) خاصة كالتي تضمنها كلام العقاد، وتوجيه الكلام يقتضي بعض التصرف في عرف الأحياء!
هذا حديث قد أطلت فيه، ولكنه ليس موجها لأن يكون رداً على الأستاذ شاكر فيما كتب، وإلا فالمسألة أهون من هذا؛ إنما أردت به تصفية الموقف في طرق النقد. وما يجب أن يتوفر لها من فهم ودقة ويقظة. . . وحياة!