وتفقه الشافعي أول أمره على (مسلم بن خالد الزنجي) مفتي مكة سنة ١٨٠هـ ٧٩٦م مولى بني مخزوم، وقد اختلف النقاد في أمر مسلم فقيل: ثقة وقيل ضعيف وقيل: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث
ونقل: انه كان يرى القدر ولعل هذا هو سر تضعيفه
ويقولون: أن مسلم بن خالد الزنجي قال للشافعي: أفت يا أبا عبد الله فقد آن لك أن تفتي، وكان الشافعي حينئذ دون عشرين سنة.
وأخذ الشافعي في مكة عن:(سفيان بن عيينة الهلالي) المتوفى سنة ١٩٨هـ ٨١٣م أحد الثقاة الأعلام، روي عن بعضهم: أنه اختلط سنة ١٩٧هـ ٨١٢م.
ثم رحل الشافعي إلى المدينة ليطلب العلم عن (مالك بن أنس) فقرأ الموطأ على مالك بعد أن حفظه عن ظهر قلب في مدة يسيرة وأقام بالمدينة إلى أن توفي (مالك) سنة ١٧٩هـ ٧٩٥م.
وخبر رحلته إلى مالك مروي على وجوه مختلفة تتفق كلها في أن الشافعي كان فقيرا لا يملك نفقة السفر على فرط شوقه إلى الأخذ عن إمام دار الهجرة.
ثم يسر الله له أسباب الرحلة، وأحسن مالك لقاءه لما تفرس من نجابته وفضله.
وتلقى الشافعي في المدينة عن غير مالك كإبراهيم بن أبي يحيى الذي يقول الرازي: اتفقوا على أنه كان معتزليا.
وخرج الشافعي إلى اليمن بعد موت مالك.
(قال الشافعي: لما مات (مالك) كنت فقيرا، فاتفق أن والي اليمن قدم المدينة فكلمه بعض القرشيين في أن أصحبه فذهبت معه واستعملني في أعمال كثيرة وحمدت فيها والناس أثنوا علي) الرازي ص ١٨.
وكادت الولاية تشغل بالشافعي عن العلم حتى نبهه بعض شيوخه فانتبه
قال الشافعي: كنت على عمل باليمن واجتهدت في الخير والبعد عن الشر، ثم قدمت المدينة فلقيت ابن أبي يحيى وكنت أجالسه، فقال لي: تجالسوننا وتسمعون منا فإذا ظهر لأحدكم شيء دخل فيه. ثم لقيت ابن عيينة فقال؛ قد بلغنا ولايتك فما أحسن ما انتشر عنك، وأديت كل الذي لله عليك ولا تعد